ومن معتقد أهل السنة أن أهل الكبائر قد يدخلون النار، وإذا تابوا تاب الله عليهم، وقد يشفع فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن قد يدخل شارب الخمر النار، قال أهل العلم: يقاس على شارب الخمر في الكبائر متعاطي المخدرات، والحشيشة وما في حكمها، بل قال ابن تيمية: الحشيشة أضر وأعظم، ووجد من الأنواع هذه الفتاكة أنها أعظم ضرراً من الخمر؛ لأنها قد تسبب هيجاناً وجنوناً وصرعاً وانقطاع نسل وقتلاً وتأبيداً في شرود العقل، فهي أشد وأنكى من الخمر.
وقد قال عليه الصلاة والسلام والحديث عند أحمد بسند حسن: {من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة} شربها مرة يبقى الله غضباناً عليه أربعين ليلة، ويقاس به متعاطي -ولو حبة- المخدرات: {فإن عاد كان على الله حقاً أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: وما طينة الخبال يارسول الله؟ قال: صديد أهل النار} وفي ألفاظ: {عصارة أهل النار} قيح أهل النار، ودمهم وصديدهم، فهذا شارب الخمر.
والزناة ولو كانوا موحدين قد يدخلون النار ولهم أفران إذا لم يتوبوا وهي قدور هائلة محماة تضطرم بأهلها، يجمع الله الزناة من الرجال والنساء فيها، فتتمصخ جلودهم.
والسارق له حظه، والقاتل له حظه، وقد يدخل أهل العصاة بمعاص أقل كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح لما قال لـ معاذ: {ألا أدلك على ملاك ذلك كله، قال: بلى يا رسول الله! قال: كف عليك هذا، وأشار إلى لسانه، قال: وإنا لمآخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟! قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على مناخرهم -أو قال: على أنوفهم- إلا حصائد ألسنتهم}.
رب كلمة يقولها الإنسان لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً، أو نظرة أو همزة أو إشارة معها استخفاف بمحارم الله وتعد على حدود الله، فنسأل الله أن يتوب علينا وعليكم.
سبحان من يعفو ونهفو دائماً ولا يزال مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخطي ولا يمنعه جلاله عن العطا لذي الخطا
ومر معنا أن النار دركات، وأن الجنة درجات، وأن من الناس من يدخل دركات النار بحسب أعمالهم، والجنة درجات كما في الدرس السابق.