الاستعاذة من عذاب النار

أولها: الاستعاذة من النار، أوصي نفسي وإياكم بكثرة الاستعاذة من النار، فعند مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قل أعوذ بالله من عذاب النار وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال} فمن استعاذ من عذاب النار سبع مرات -كما يأتي معنا بحديث- قالت النار: اللهم أجره مني، وفي حديث صحيح ثلاث مرات، وفي حديث الحارث بن مسلم لما أتى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {ألا أدلك على عمل؟ قال: بلى.

قال: إذا صليت الصبح فقل: ربِّ أجرني من النار سبع مرات، وإذا صليت المغرب فقل: ربِّ أجرني من النار سبع مرات} وهو حديث صحيح نص على صحته ابن القيم.

إذاً فأوصي نفسي وإياكم بعد الفجر والمغرب بترداد (ربِّ أجرني من النار) سبع مرات، قال صلى الله عليه وسلم: {قل اللهم أني أعوذ بك من عذاب النار وعذاب القبر وإنه لعذاب بئيس} قال الله عن فرعون وأهله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً} [غافر:46] أي: في القبر: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46] فالنار يعرضون عليها وهم في القبور، فإذا قبر الإنسان فهو -والله- إما في روضة من رياض الجنة، أو في حفرة من حفر النار.

فالقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران

إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده

وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ

فليعلم هذا، ولذلك يفتح له روزنة -أو نافذة- فيرى مقعده في الجنة إذا كان من أهل النار، ويقال له هذا مقعدك في الجنة لو كنت من أهل الجنة، فيزداد بؤساً وندامة، ويفتح له لهيب ونار وحرقة إلى النار حتى يبعث؛ ولذلك المجرم يقول: اللهم لا تقم الساعة، فيستمر في ندم وحسرة حتى يقيم الله الساعة.

وعند مسلم عن أم حبيبة وهي زوجة المصطفى عليه الصلاة والسلام وهي ابنة أبي سفيان قالت: {اللهم متعني بأبي أبي سفيان وبأخي معاوية، فقال لها عليه الصلاة والسلام: لقد سألت الله لآجال معدودة، ولأرزاق مقسومة، ولأيام مضروبة، ولوسألت الله لأخيك ولأبيك أن يعيذهما الله من عذاب القبر وعذاب النار كان أفضل} أي: تقول: متعني بأبي وأخي وطوّل أعمارهما، كما يقول أحدنا للآخر: طوَّل الله عمرك، وعمره لا يطول، إنما الأفضل أن يقول: وقاك الله من عذاب النار، بيّض الله وجهك، غفر الله لك، زحزحك الله عن النار، فسألت ربها فقال عليه الصلاة والسلام: {لقد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة - أي: انتهى- ولو سألت الله أن يعيذهما الله من عذاب النار وعذاب القبر كان أفضل} فنسأل الله أن يعيذنا وإياكم من عذاب القبر وعذاب النار.

وصح عند أبي يعلى من قوله عليه الصلاة والسلام أنه قال: {ما استجار عبد من النار في يوم سبع مرات، فقال: اللهم أجرني من النار إلا قالت النار: يا رب! أجره مني} فالاستعاذة سنة واردة وأوصيكم بها بعد التشهد وفي أدبار الصلوات، وفي السجود وفي آخر الليل وفي كل مناسبة، أن تستعيذوا وتستجيروا بالله من النار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015