وعنه صلى الله عليه وسلم قال: {مثل المؤمن كالخامة من الزرع تُفَيِّئُها الريح مرة وتعدلها مرة، ومثل المنافق كالأرزة لا تزال حتى يكون انجعافها مرة واحدة} يضرب الرسول عليه الصلاة والسلام مثلاً للمؤمن والمنافق في باب المرض فالمؤمن كالخامة: قيل هي وليدة الزرع المائسة الرطبة الراوية كالزرع، التي تقبل التمايل؛ لأن الزرعة دائماً تقبل الميلان وهي كسنبلة البر؛ لأن ساقها رقيق فهي تميل من الريح يمنة ويسرة وأي شيء يؤثر عليها.
وقد قرأت في كتاب أن ملكاً من ملوك الهند استدعى الرسامين في عهده وقال: أريد رسمة بديعة لا أحسن منها، فرسموا له رسومات، وكان من أبدع الرسامين رجل هندي رسم سنبلة زرعة من القمح وقد هبط عليها عصفور فأتى بهذه اللوحة فأعجبت أهل الهند جميعاً، فوضعها على قصره فمر رجل أعور قال: هذه الصورة فيها عيب، قال الحرس: ويلك، فقادوه -بعدما أقر أهل الهند أنها أحسن رسمة- إلى الملك، فقال الملك: ما هو العيب؟ قال: العيب فيها أنه ما أمال الزرعة لما رسمها؛ لأن العصفور إذا هبط عليها مالت ولا تبقى منتصبة، قال: صدقت ثم شطب اللوحة.
فالمقصود: أن هذه الزرعة أدنى شيء يؤثر فيها، فالمؤمن دائماً بين الأمراض والحسرات والنكبات، دائماً يمنة ويسرة في كبد، تراه دائماً إما طفله يموت، أو بنته تمرض، أو ولده يرسب، أو سيارته تصدم، أو هم أو غم ليحتحت الله عنه الخطايا، أما المنافق فتجمع وتحمل عليه المواد مادة على مادة حتى يسلخ مرة واحدة فما يأتيه إلا كير جهنم، فهذا مثل المؤمن ومثل المنافق.