Q فضيلة الشيخ/ عائض! والله إني أحبك في الله الواحد الأحد وبعد: فإني الآن صرت في فترة أعاني فيها من الفتور في كل شيء؛ في الدعوة والعبادة والزيادة في طلب العلم، وصرت أقترف من الذنوب ما الله به عليم، فما هي النصيحة التي توجهها إليَّ؟
صلى الله عليه وسلم أحبك الله الذي أحببتنا فيه، أولاً: كلنا ذاك الرجل الذي تشكو منه أنت، وحلنا جميعاً أن نتوب ونستغفر الله عز وجل، ومما أوصيك به ونفسي ثلاثة أمور:
أولها: هذا القرآن أن تشفي به مرضك، وأن تجعله خدنك وأنيسك دائماً وأبداً، وأن يكون المصحف في جيبك، تقرأ منه صباح مساء، آناء الليل وأطراف النهار.
ثانيها: أن تبتهل إلى الله فإنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى الفتاح العليم، وأن إذا سجدت تنادي بصوت خافت أن يفتح عليك، وأن تقول: يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك، ويا مصرف القلوب! صرف قلبي على طاعتك، وأن تدعوه بحرارة وبصدق، وبخشوع وبخضوع فسوف يفتح الله عليك، وتدعو في أدبار الصلوات وفي السحر وفي كل وقت، فسوف ترى الفتح من الله.
ثالثها: أوصيك بقراءة الحديث النبوي، وقراءة سير الصالحين من الصحابة والتابعين والأئمة كالإمام أحمد، وسفيان الثوري، وابن تيمية، وغير هؤلاء فإنهم سوف يشحذون - إن شاء الله - دينك ويوقدون جذوة الإيمان في قلبك، ويقودونك إلى صراط مستقيم.
ومن الأمور التي أوصيك بها: ألا ترافق الأشرار وأن تتخذ لك من الأخيار صحبة ترافقهم، فإن رفقة الشرير كالأجرب، فإن الجرباء تعدي الصحيحة، لكن ما سمعنا أن الصحيحة تعدي، أو تجعل الجرباء صحيحة.
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي ولو كنا سوياً في البضاعة
ثم قلل من كثرة المباحات التي تصرفك عن الطاعات، فكثرة المزاح وكثرة الخلطة وكثرة الكلام بغير ذكر الله تشغل القلب، وما دام أنك اعترفت بالذنب فأنت على صراط مستقيم.
في الترمذي قوله صلى الله عليه وسلم: {يقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: يابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ذلك ولا أبالي، يابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة} غفر الله لي ولك ولكل مسلم.