إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
لا زلنا في كتاب الجنائز من صحيح البخاري ولا زلنا نعيش مع البخاري وهو يثلج الصدور، ويشنف الآذان، ويعطر الأنفاس بتبويباته الشائقة، وبتدبيجاته الرائعة، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
يقول رحمه الله تعالى: باب الصفوف على الجنائز، أو بابٌ: الصفوف على الجنازة (على القطع) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال حدثنا معمر، عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي، ثم تقدم فصفوا خلفه فكبر أربعاً}.
هذا الحديث في كتاب الجنائز فيه مسائل:
الأولى: فائدة ترجمة البخاري.
الثانية: بعض رجال السند ولطائف الإسناد.
الثالثة: علم من أعلام النبوة في إخباره صلى الله عليه وسلم بموت النجاشي.
الرابع: حكم الصلاة على الميت في المسجد ويأتي هذا عرضاً.
الخامس: الصلاة على الغائب وفيه سبعة مذاهب لأهل العلم.
السادس: النعي وحكمه في الإسلام؛ محذوره وممدوحه، وجائزه ومكروهه.
السابع: البكاء وأقسامه.
الثامن: نختم بمسألة البكاء على الميت وهل يعذب بها، وفيها ستة مذاهب لأهل العلم، وعلى الطريق مناظرة بين ابن عمر أوردها البخاري وبين ابن عباس، وتشترك عائشة رضي الله عنها وأرضاها بحديث من المعصوم صلى الله عليه وسلم.