العمل المقبول سبيل الولاية

وهذا كلام لا نحتاجه كثيراً، ولكنا نحتاج إلى تفسير الآية قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2] قال أهل العلم: أحسن العمل ما توفر فيه شرطان اثنان:

الشرط الأول: أن يكون خالصاً لوجه الله.

الشرط الثاني: أن يكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فمن أخلص لله في عمله ولم يتابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مبتدع، ففي المبتدعة من هو مخلص، ففي الرافضة من هو مخلص، وفي المرجئة من هو مخلص، وفي المعتزلة من هو مخلص، وفي القدرية من هو مخلص، ولكنه ضال مبتدع.

ومن تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمله ولم يخلص فهو منافق مُراءٍ، في المنافقين من يقتدي بالرسول عليه الصلاة والسلام، وفي المنافقين من يتبع السنة، ولكنه لا يقصد بعمله وجه الله.

وابن تيمية له كلام طويل يقع في أكثر من مائة صفحة في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5].

، وسبب تفسير هذه الآية: أن ابن تيمية رحمه الله أُتي به مقيداً من بلاد الشام

قيده النفعيون الماديون، وسجنه الأشاعرة، والمعتزلة المبتدعة، وأهل التصوف المنحرف، وسجنه كذلك النصيريون، سجنه أعداء الإسلام، فهذا الرجل فتح جبهات على أعداء الإسلام، فلما أُتي به مقيداً إلى مصر، دخل المسجد وهو مقيد وكان من أعلم علماء الدنيا، بل هو من أذكى أذكياء العالم، يقول المزي: ما قبل ابن تيمية بخمسمائة سنة أعلم منه! ونحن نقول: ما بعد ابن تيمية إلى الآن أعلم منه!! فدخل فلما فكوا الوثاق من يديه سأله العلماء في مصر أن يتكلم لهم كلمة بعد صلاة العصر.

وكان كما يقول ابن كثير: كان العلماء إذا جلسوا، أصبحوا تلامذة عند ابن تيمية، قال: واجتمع علماء مصر وما كانوا والله إلا ذرات صادفت جبلاً، أو قطيرات صغيرة صادفت بحراً، فابتدأ بعد صلاة العصر في {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة:5] ما تلعثم ولا توقف، ولا انتظر حتى صلاة المغرب، وهذه المقامة تسمى (مقامة الاستعانة) فيقول: من عبد الله ولم يستعن به فهو مشرك في عمله، ومن استعان بالله ولم يعبده فهو ضال مضل كذلك، والناس في ذلك على أربعة أقسام:

- قسم يعبد الله ويستعين به وهم المؤمنون.

- وقسم يعبد الله ولا يستعين به، وهم أهل الدنيا، وأهل الهوى والشهوات.

- وقسم يستعين بالله ويعبد غيره وهم المشركون.

- وقسم لا يعبد الله ولا يستعين به، وهم الملاحدة الذين ينكرون الصانع والخالق تبارك وتعالى.

إذاً الحسن في العبادة يتركز على الإخلاص وعلى متابعة سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.

يقول صلى الله عليه وسلم: {يقول الله: من عادى لي وليا ً} سبق معنا في مناسبات ولا نقف كثيراً عند لفظ الولي، وأحسن تعريف هو ما ذكره الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في قوله: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.

الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:63] فهذا تعريف الأولياء في الكتاب والسنة.

ولـ ابن تيمية كتاب اسمه (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان) عرف الأولياء، وقال: ليس لهم لباس ولا رداء خاص، ولا مراسيم ولا طقوس خاصة، وإنما قد يوجد الولي مع الفلاحين فهو فلاح، ومع التجار ومع الجند، ومع الحرس، ومع الطلاب، ومع الحكام، ومع المسئولين، بل هو موجود في كل طبقات الناس، الذي يؤمن بالله ثم يتقي الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015