الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
معنا في هذا اللقاء حديث الولي، وهذا الحديث من أعظم الأحاديث في الإسلام وسوف نتعرض للقضايا التي فيه بإذن الله، وقد أفرده الإمام الشوكاني بمصنف منفرد، وبحث فيه أهل العلم، وأُورد نصه في هذه الجلسة لنسمع هديه صلى الله عليه وسلم، وكلامه العذب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قال الله تبارك وتعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب عبدي إليَّ بأحب مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه} متفق عليه.
هذا حديث قدسي يسمى حديثاً إلهياً، والحديث القدسي تعريفه عند أهل المصطلح:
هو ما كان لفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله جل وعلا، فالذي تلفظ وتكلم به هو رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وأما المعنى فهو من الواحد الأحد، وهو يختلف عن القرآن، فالقرآن لفظه ومعناه من الله تبارك وتعالى، والحديث النبوي لفظه من الرسول صلى الله عليه وسلم.
إذاً الوحي على ثلاثة أقسام:
قرآن، وحديث قدسي، وحديث نبوي.
- فالقرآن: لفظه ومعناه من الواحد الأحد.
- والحديث القدسي: معناه من الله ولفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- والحديث النبوي: معناه ولفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القرآن معجز، والحديث القدسي ليس بمعجز فلا نتعجز به ولا نتعبد به ولا يتلى في الصلاة، ولفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعناه من الله.
حديث الولي فيه مسائل، وأعظم مسألة هي مسألة النوافل التي سوف نتعرض لها.