نكبة الكويت

وتُنكب الكويت ويدخل صدَّام، ويتمزق الأطفال، وتُسحق الشريعة، ويُكفَر بالله، ويتجمع العالم فيندد به، فما هي آثارها في أدبنا وفي شعرنا؟

قام كثيرٌ من الشعراء إلى صدَّام الذي زكوه بالأمس، وأثنوا عليه، ونادوه يا فاتح الدنيا! ويا رمز النصر! ويا إله الخلود!! بل شاعرة كانت تناديه بـ (يا إله المجد)!! وكانت تقول: الآخرون سكارى يصيدون الحبارى، وكان كثير منهم يبوس كف المجرم وما علموا، وقد علموا أنه قتل الأكراد أجداد صلاح الدين، واكتشفوا فيما بعد أنه عميل، وإلا قد زكوه وطهروه وأثنوا عليه، ومصيبة الكويت أرسلتُ فيها رسالة:

كتبتها بدموعي قبل أرسلها وصغتها من دمي روحاً وريحانا

ماذا أقول وجرحي من جراحكم فما أصابكم والله أبكانا

وتصاب الكويت فلا يجدون لهم إخوة إلا نحن وأمثالنا، نقولها ولا فخر: إخاء الدين ونسب العقيدة، ورسالة لا إله إلا الله، ويأتون إلينا فنواسيهم والفضل لله، ونحييهم والمنة لله، ونعانقهم والخير خير الله:

ألهفي لشعبٍ بات في خير نعمة وأصبح في هولٍ من الليل يمرج

سيصغي له من عالم الغيب ناصرٌ ولله أوسٌ آخرون وخزرج

وتستمر المسيرة، ويأتي أدبه ليشيد بمبادئه ويعيش معه، وزولا، شاعر فرنسا كان يعيش مبادئ ديقول لحظة بلحظة، وحاييم ناتشمان أيضاً، شاعر اليهود.

تقول جولد مائير في مذكراتها (ص: 68): إن هذا الشاعر ما حاد عن المبادئ حتى في حرب (1967م) أرادوا أن يدخل بأشياء وبعدها في الصلح، ولكن كان ينادي أن تكون دولة إسرائيل من خيبر إلى حيفا ويافا، فهو شاعر مبادئ.

يقول شاعر مبادئ البعث:

هبوا لي ديناً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم

ألا أهلاً بكفر يؤلف بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم

بلادك قدمها على كل ملة ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم

وعلم البعث الذي سارت به الطوابير يقول:

آمنت بـ البعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني

لكن قد اكتشفنا صدَّام في آخر الليل أنه كان مجرماً، عجباً! كيف اتخذناك صديقاًَ؟ وحسبناك أخاً براً شقيقاً؟! أليس بكافرٍ قبل الغزو؟! أليس بعدوٍ لله؟! أما داس المصحف؟! أما قتل الأبرياء؟! أما كان نجساً؟! لماذا تذبذبنا في المواقف؟ متى كان صدَّام صديقاً لنا؟ متى كان باراً رشيداً شقيقاً قريباًَ؟

والله إنه من أبعد البعداء، وقد اكتشفنا أنه كان عميلاً لإسرائيل، وأنه كان يكلمها في الخفاء، ويسالمها في الدجنة، ولكن هكذا يفعل الأدب، ولو صالحنا صدَّام، والله الذي لا إله إلا هو لظهرت أقلامٌ وأدباء كانوا يذمونه، فمدحوه، وقالوا: يا فاتح المشرق والمغرب.

وأنا أحفظ نماذج لكني أستعفيكم من ذكرها إبقاء على القلوب أن تُخدش، علَّ الله أن يتوب عليهم إلى المبدأ المسلم، فالأدب يسير بمبدأ (لا إله إلا الله) فهي تنطلق من رسالة, أما أدب الهواية فهذا الأدب كجمع الطوابع وركوب الخيل، وهواية المراسلة، والسفر إلى لندن وباريس، والتزلج على الثلج، فالأدب رسالة، والأدب إيمان، والأدب كلمة يسألك الله عنها، والأدب أن تخدم به هذا الدين وأن تجعله فيما يرضي رب العالمين سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015