الأدب الذي نريد

نريد أدباً جميلاً طموحاً عفيفاً، أدباً يستفيد من روعة السبع المثاني والقرآن العظيم، أدباً يلهب حماس الأمة فيوقظ الغافل، وينبه البليد، ويزجر العاصي، أدباً يعيد لنا مجدنا ويذكرنا تاريخنا، ويحمل مبادئنا.

أدباً يوصلنا بالماضي، ويحثنا إلى المستقبل، في ظلاله نعيش، في ظلال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5].

وفي أحيائه نحيا تحت أفياء لا إله الله محمد رسول الله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6].

أدبٌ يزكي النفس من أوضارها ويرتل التوحيد في أذن الملا

فرسولنا عليه الصلاة والسلام عاش الأدب بكل معاني هذه الكلمة، عاش الأدب فجاشت روحه، ودمعت عينه، وعاشت نفسه مع الأدب، ففي صحيح مسلم عن عمر بن الشريف قال: {رُدِفْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتحفظ لـ أمية بن أبي الصلت قلت: نعم.

قال: هيه أنشدني، فأنشدته بيتاً، قال: هيه، فأنشدته ثانياً، فما زال يقول: هيه حتى أنشدته مائة بيت، ثم علق محمد عليه الصلاة والسلام، فقال: آمن لسانه وكفر قلبه}.

كان عليه الصلاة والسلام يجيد الأدب، فإذا تكلم بذَّ الفصحاء، يقول عليه الصلاة والسلام: {أوتيت جوامع الكلم} أحيا من الأمة الخام، أمة الصحراء، أمة الأرانب والضب، أحيا منها أمة فريدة تكتب باسم الله في قرطبة، وتصلي في إشبيلية، وتسجد في ضفاف دجلة والفرات.

يقول الزبيري قاضي اليمن وهو يمدح بلاغة المصطفى عليه الصلاة والسلام:

ما بنا جملة من اللفظ إلا وابتنى اللفظ أمة من عفاء

يقول: ما قال كلمة إلا أحيا جيلاً، وما خطب خطبة إلا جهز جيشاً، وما أرسل عبارة إلا فتح مدينة، هذا هو الأدب الذي سيطر به عليه الصلاة والسلام على العقول وملك به الأفئدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015