خرج صلى الله عليه وسلم إلى الناس، وقد اجتمعوا في الحرم، فقال: {يا أيها الناس! قولوا لا إله إلا الله؛ تفلحوا} فقال له أبو جهل ويحلف باللاَّت والعزى لا نؤمن لك حتى يشق له القمر، فيقول عليه الصلاة والسلام: أفإن شقَّ الله لي القمر أتؤمنون بي؟، قالوا: إي وكرامة عين لك، فنظر عليه الصلاة والسلام إلى القمر ليلة أربعة عشر وهو في كبد السماء، وقد امتلأت الدنيا من جماله وصفائه وبهائه، والناس ملء الحرم، فدعا الله أن يشق له القمر، فانشق القمر قسمين فلقتين فاتجهت فلقة إلى عرفات وفلقة إلى جبل أبي قبيس، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد، وهم ينظرون ويرون ويبصرون، فماذا كان ردهم؟ نفضوا ثيابهم، وقاموا من مجالسهم، يقولون: سحرنا محمد، سحرنا محمد، ولذلك سوف يوردهم الله النار يوم القيامة، ويقول لهم وهم يرون النار: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} [الطور:15].
ويقول الله: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر:14 - 15] يقول الله جل ذكره: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر:1 - 5].