بقيت مسألة وهي: ما هي الأحاديث التي وردت في كتاب أو في باب السواك بحد ذاته؟ أقول: الأحاديث فيه على ثلاثة أضرب، أحاديث صحيحة، وأحاديث حسنة، وأحاديث ضعيفة.
فالصحيح ما اتصل رواته بنقل العدل الضابط، الثقة عن مثله إلى آخر السند، وخلا من شذوذٍ وعلةٍ قادحة.
وأما الحديث الحسن: فهو ما رواه العدل الخفيف الضبط -ليس التام- عن مثله إلى آخر السند.
والحديث الضعيف: ما لم تكن شروطه كشروط الصحيح والحسن.
أ- الأحاديث الصحيحة في فضل السواك:
فأما الأحاديث الصحيحة في باب السواك فهي على حد علمي خمسة أحاديث وربما تزيد، لكن التي جمعتها خمسة أحاديث، فليتنبه لها.
أولاً أحاديث عائشة ولها حديثان وحديث لـ أبي هريرة، وحديث لـ أبي موسى، وحديث لـ حذيفة.
فأما حديث عائشة الأول: فقالت: {كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك} رواه مسلم عن شريح بن هانئ، والحديث الثاني لـ عائشة: قوله صلى الله عليه وسلم: {السواك مطهرة للفم مرضاة للرب} رواه الترمذي وأحمد وابن خزيمة، وهو حديث صحيح.
والحديث الثالث: لـ أبي هريرة: {لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة،} وفي رواية: {مع كل وضوء} رواه البخاري ومسلم.
والحديث الرابع: حديث حذيفة: {كان صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك} رواه البخاري.
وحديث أبي موسى: {أتيت إلى رسول صلى الله عليه وسلم وسواكه على طرف لسانه وقد قلصت شفتاه وهو يتهوع يقول: أع أع} هذا الحديث صحيح رواه البخاري.
واعلموا أن السواك في الحمام لا بأس به، ولم يرد نهيٌ فيه، وهو من باب إزالة الأذى، فللمسلم أن يتسوك في الحمام.
هذه خمسة أحاديث صحيحه عنه صلى الله عليه وسلم تحفظ بطريق التبويب أو بطريق المسانيد، أن تذكر في هذا الباب تقول: لـ عائشة حديثان، ولـ حذيفة حديث، ولـ أبي موسى حديث، ولـ أبي هريرة حديث، فتبقى محفوظة إن شاء الله ومعلومة.
ب- الأحاديث الحسنة في فضل السواك:
وأما الأحاديث الحسنة في هذا الباب فهي ثلاثة أحاديث، هي في درجة الحسن.
الحديث الأول: حديث عائشة: {كان صلى الله عليه وسلم لا يستيقظ من نومٍ ليلاً أو نهاراً إلا تسوك} رواه أحمد، وأبو داود وسنده حسن.
والحديث الثاني: حديث عامر بن ربيعة الذي مر معنا: {رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي ولا أعد يتسوك وهو صائم} رواه الترمذي وأحمد وأبو داود ودرجته حسن.
الحديث الثالث: حديث علي رضي الله عنه وأرضاه قال: {توضأ صلى الله عليه وسلم فمضمض ودلك أسنانه بإصبعه عليه الصلاة والسلام} رواه أحمد وهو حديثٌ حسن.
جـ- الأحاديث الضعيفة في فضل السواك:
وأما الأحاديث الضعيفة بحفظ الله فهي أربعة أحاديث في كتاب أو في باب السواك.
أولها حديث {صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بلا سواك} رواه البيهقي والحاكم في المستدرك وفي سنده محمد بن إسحاق، وعلة محمد بن إسحاق التدليس، صاحب سيرة ابن إسحاق، وقد دلس في هذا الحديث، والتدليس: أن يوهم السامع أنه سمع هذا الحديث من شيخ قد سمع منه ولكنه لم يسمع هذا الحديث، فيقول: عن فلان، فيظن الناس أنه سمع هذا الحديث لأنه دائماً يسمع منه، فيدلس والتدليس هو التمويه والزخرفة.
والحديث الثاني: حديث عائشة الذي رواه ابن ماجة، وهو ضعيف عن عائشة {من خير خصال الصائم السواك}.
والحديث الثالث: {إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي} رواه البيهقي وسنده ضعيف، أو في سنده رجل ضعيف.
الحديث الرابع: قالت عائشة: {قلت يا رسول الله: الرجل يذهب فوه أيستاك؟ قال: نعم، قلت: كيف يصنع؟ قال: يدخل إصبعه في فيه} أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ويغني عنه حديث علي الحسن في التسوك بالإصبع، وهذا الحديث ضعيف رواه الطبراني، وفيه عيسى بن عبد الله الأنصاري ضعفه ابن حبان.
فلتفهم هذه الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة، ومن أراد أن يحقق مسألة فعليه أن يجمع النصوص ثم يصححها، ثم يجمع أقوال أهل العلم، ثم يرجح ثم يخرج بالقول الصحيح من المسألة هذا هو الصحيح.
وفي ختام هذا الدرس نتوجه إلى الله سبحانه أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن ينفعنا بما علمنا، وألا يجعل علمنا وبالاً علينا، وأن يهدينا سواء السبيل، وأن يفقهنا في ديننا.
اللهم بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.