وانطوت أيام علي رضي الله عنه فكان صادقاً ثابتاً أميناً حتى تولى الخلافة رضي الله عنه وأرضاه فكان من أزهد الناس، وأعبدهم وأخطبهم، رجل الكلمة الذي يؤديها حارة إلى القلوب رضي الله عنه وأرضاه، يحرك بكلماته الناس، ويؤثر في القلوب، ويقود الناس إلى الله عز وجل.
فلما أراد الله عز وجل أن يرفع قدره رزقه الشهادة في آخر حياته، خرج يصلي صلاة الفجر وهو بـ الكوفة في العراق، فأخذ يوقظ النائمين في المسجد، وأتى إلى الخارجي الخبيث، اللعين عبد الرحمن بن ملجم، وهو قد وضع سيفه تحت بطنه عمداً ونام عليه على بطنه فركله علي رضي الله عنه برجله ولا يدري أنه سوف يقتله، وقال: [[قم إن هذه ضجعة يبغضها الله، إنها ضجعة أهل النار]] أي: نومة أهل النار على وجوههم، فقام الرجل، وأما علي رضي الله عنه فقام يصلي سنة الفجر فقام هذا الخبيث بسيفه الذي قد سمه شهراً كاملاً، أدخل السيف في السم حتى أصبح السيف أزرقاً، ثم أتى إلى جبهة الإمام فضربها بالسيف فقال علي رضي الله عنه: [[الله المستعان! إنا لله وإنا إليه راجعون! {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:156 - 157]]] فحمل إلى بيته ووضع على فراشه، فأُتي بـ عبد الرحمن بن ملجم هذا القاتل، فقال علي رضي الله عنه: [[ما لك قاتلك الله قتلتني؟ قال ابن ملجم: إني أقسمت أن أقتل بهذا السيف شر الناس! قال علي: والله لنقتلنك بهذا السيف فأنت شر الناس]] فقتل ابن ملجم بسيفه لأنه شر الناس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لـ علي في حياته صلى الله عليه وسلم: {أتدري من أشقى الناس؟ قال: لا يا رسول الله، قال: أشقى الناس عاقر الناقة والذي يقتلك}.
ولما أُتي لـ علي بلبنٍ رضي الله عنه وأرضاه وهو مريض قال له ابنه الحسن: [[يا أبتاه! اكتب وصيتك فإنا نخاف أن تموت هذه الليلة لأننا نرى المرض قد اشتد عليك]] فقال علي: [[والله لا أموت هذه الليلة، والله لا أموت من المرض، ولا أموت حتى تدمى هذه وأشار إلى لحيته، ومن هذه وأشار إلى جبهته]].
رضي الله عن علي وعن أصحابه وأقرانه من الصحابة وحشرنا معهم في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.