فكان عليه الصلاة والسلام يصل إلى تربية الطفل بأقرب سبب وبأدنى عبارة، وبأقرب حبل، وكان له عليه الصلاة والسلام في جانب العقيدة مع الأطفال مواقف، يقول ابن عباس، والحديث عند أحمد والترمذي {: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار} نعم.
يركب الحمار ويفتح الدنيا، نعم يركب الحمار ويصل بالقلوب إلى الله، نعم يركب الحمار وهو أعز من خلق الله {فقال: يا غلام! قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله! قال: إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء؛ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف} هذا الحديث محاضرة، وهذا الحديث أعظم وصية طرق الدنيا، شرحه ابن رجب شرحاً ما سمع الناس بمثله، وتواصى العلماء على النصيحة به لأبنائهم وأحبائهم وأصدقائهم، وضع صلى الله عليه وسلم حقنة في قلب ابن عباس، فبقي ابن عباس موحداً حتى لقي الله.
وصح عند البخاري والدارمي {أنه عليه الصلاة والسلام كان يمر بالصبيان كي يسلم عليهم، يقول: السلام عليكم ورحمة الله} وهذا من التواضع العظيم، لأن المتكبر لا يسلم على الأطفال، ولا يسلم على الناس، بل ينتظر من يسلم عليه، والمتكبر أبخل الناس بالسلام، لكن من العجيب أن يأتيه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من حيث لا يحتسب، يريد العلو فيقول الله له: اخسأ فلن تعدو قدرك {يحشر المتكبرون يوم القيامة على هيئة الذر يطأهم الناس بأقدامهم} وهو حديث صحيح، المتكبر بخيل، يعطيك رءوس أصابعه في المصافحة، يبخل ببسمة على وجهك، ويبخل بالسلام عليك.
وجوههم من سواد الكبر عابسة كأنما أوردوا غصباً على النار
هانوا على الله فاستاءت مناظرهم يا ويحهم من مناكيد وفجار
ليسوا كقوم إذا لاقيتهم عرضاً أهدوك من نورهم ما يتحف الساري
تروى وتشبع من سيماء طلعتهم بوصفهم ذكروك الواحد الباري
من تلق منهم تقل لا قيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري