ولذلك كان عليه الصلاة والسلام لا يجلس في مجلس أو في مجمع أو يرى أطفالاً إلا ويقول: عليَّ بـ الحسن والحسين، وكان إذا أراد أن يخرج في ضاحية من ضواحي المدينة، سلم على فاطمة، وقال: علي بـ الحسن والحسين، وفي سنن النسائي بسند جيد، عن أبي بصرة الغفاري، قال: {صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -إما الظهر وإما العصر- قال: فمكث صلى الله عليه وسلم ساجداً طويلاً -حتى في بعض الروايات أن هذا الرجل رفع رأسه ينظر أين الرسول عليه الصلاة والسلام، أي: أبطأ عليه في السجود؛ فرفع ينظر- قال: فلما سلم صلى الله عليه وسلم، قال: لعلي أبطأت عليكم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: إن ابنيَّ هذين ارتحلاني} أي أن الحسن والحسين، صعدا على ظهره، رأيا المنظر، فصعدا على المصطفى عليه الصلاة والسلام، قال: {إن ابني هذين ارتحلاني فكرهت أن أوذيهما} فمكث صلى الله عليه وسلم حتى نزلا من على ظهره.
وفي الصحيح: باب هل يقال سيد، فذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس على المنبر، فأتى الحسن وعمره خمس سنوات وثوبه طويل فكان يعثر فيه، فقطع الخطبة عليه الصلاة والسلام ونزل وأخذ يشق الصفوف، حتى أخذ الحسن، وقبله، واحتضنه، وأجلسه بجانبه على المنبر، وأخذ يكلم الناس وهو يضع يده على رأس الحسن، يمرها ويقول وهو ينظر إليه: {إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين} وهذا في الصحيح، وبالفعل كان سيداً من السادات، أصلح الله به بين الفئتين العظيمتين، بين جيش علي بن أبي طالب، وجيش معاوية رضي الله عنهما، جيش العراق وجيش الشام التقيا، فكان جيش العراق مائة ألف، وجيش الشام ثمانين ألفاً، التقيا، وقصد الجيشين أن تسفك الدماء، وتضرب الجماجم، ويكون المعترك أحمر قانياً.
فلما التقوا أتى الحسن رضي الله عنه، فتنازل عن الخلافة، وقال لـ معاوية: خذها لك (ول حارها من تولى قارها) وحقن دماء المسلمين، وكان سيداً حقن الله به الدماء.