خاتمة فيها فوائد

من فاتته سجدة ثم لم يتابع الإمام فيها وتخلف بطلت هذه الركعة، وأفتى بهذا الإمام مالك، ويعيدها بعد الصلاة، ومن اضطربت عليه ركعة -مثلاً- فلم يقرأ الفاتحة، أو شوش عليه، أو فاتته ركعة فعليه أن يعديها بعد أن يسلم الإمام.

أما سكوت الإمام إذا قال: (ولا الضالين، آمين) فحديث السكتات نصه عن سمرة رضي الله عنه وأرضاه، قال: {حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين: بعد أن يكبر تكبيرة الإحرام، وقبل أن يركع} سمرة بن جندب هو صحابي جليل دخل العراق رضي الله عنه وأرضاه، مر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم من الصحابة، فقال: {إن أحدكم يحترق بالنار، أو يدخل النار} وهم صحابة كلهم، فكانوا كلهم خائفين، وأتاهم من الخوف ما لا يعلمه إلا الله، منهم سمرة هذا، فأتى يوم جمعة يتدفأ، وقيل: يتجمر من البخور فعثر رضي الله عنه ووقع في النار فأراد أن ينقلب فما استطاع فمات وهو محترق، هذا سمرة صاحب الحديث، قال: [[حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين: بعد تكبيرة الإحرام وقبل أن يركع]] فأُخبر عمران بن الحصين رضي الله عنه وأرضاه وهو معه في العراق، فقال: [[كذب سمرة , كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان يسكت]].

فردوا الخبر لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، قال: ائتوا إلى السيد الإمام الشهم، سيد القراء وسيد المسلمين أبي بن كعب -والعجيب أن عمران الذي في القصة وأُبي كلاهما مبتلى في الحياة، أما عمران فمرض ثلاثين سنة بالمرض ما رفع نفسه عن الفراش حتى صافحته الملائكة على فراشه كما يقول ابن حجر في الإصابة، وأما أبي بن كعب فمرض بالحمى ثلاثين سنة، حتى ما أبقت له -بإذن الله- خطيئة لا كبيرة ولا صغيرة- فردوا الخبر إلى أبي بن كعب، فقال: [[صدق سمرة صدق سمرة]] قال أهل العلم: هذا الحديث مضطرب.

والمضطرب هو: أن يختلف الألفاظ وفيه اضطراب سند واضطراب متن، وممن ضعف الحديث الشيخ الألباني جزاه الله خيراً، وكثير من أهل العلم ضعفوا هذا الحديث، وبعضهم صححه، والصحيح أنه مضطرب، لأنه لو كان صحيحاً لتداعت الهمم والعزائم على نقله للأمة.

إذاً فليس للإمام سكتات، وابن القيم يستحسن في زاد المعاد يقول: لو سكت ليقرأ المأموم لكان حسناً، لكن أين الدليل؟

أما السكتة بعد تكبيرة الإحرام فصحيحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسكت، ولم نأخذ دليلها من هذا الحديث، لكن من حديث أبي هريرة كما في البخاري {كان صلى الله عليه وسلم إذا كبر تكبيرة الإحرام سكت هنيهة، أي: برهة من الزمن، قال: فقلت له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد} فكان يسكت عليه الصلاة والسلام، وهذا سوف يأتي معنا في أدعية الاستفتاح.

إذاً فلا سكوت واجب، ولكن لو سكت لكان أحسن، فيقرأ المأموم بعد أن يقول الإمام: ولا الضالين آمين، وبعض الناس تسمعه وأنت إمام يرتل الفاتحة، ويقرأ بعدها سورة، فيفوته السماع، فعليه أن يقرأ الفاتحة سريعاً ثم يستمع إلى الإمام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015