إجماع الصحابة على مسائل المعتقد

القاعدة الرابعة: أجمع الصحابة على مسائل المعتقد وسلموا لمعانيها ولم يختلفوا في أي مسألة منها: ولـ ابن القيم كلام يشبه هذا في أعلام الموقعين، يقول: "الصحابة لم يسألوا عليه الصلاة والسلام ولم يختلفوا في مسألة عقدية".

مسائل الأصول لم يختلفوا فيها وإنما سألوه عن مسائل عملية: يسألونك عن المحيض، يسألونك عن الخمر، يسألونك عن الأهلة، يسألونك ماذا ينفقون، يسألونك عن اليتامى، لكن لم يسألوا: كيف يضحك الله؟ أو كيف استوى الله؟ أو كيف يعجب الله؟ أو كيف يد الله أو عن عين الله؟ لا.

بل سلموا بها ولم يختلفوا، فلما أتى المتأخرون أتوا يسألون عنها حتى يقول بعض العلماء: سبحان الله! أما المتأخرون فقد سالوا في موضع الجمود وجمدوا في موضع السيلان، مثل ابن حزم رحمه الله في المحلى، أتى في الصفات فسال قلمه، ويوم أتى في الفرعيات جمد مثل الثلج، أخذ الظاهر وأبطل القياس وأخذ بظاهر الأحاديث، فيقول له بعض العلماء: ليتك يـ ابن حزم سلت في موضع السيلان في الفرعيات، وليتك جمدت في موضع الجمود في الأصول والمعتقد والصفات؛ لأن أهل السنة يقولون: نمرها كما جاءت، وهو لم يمرها كما جاءت.

حتى يقول ابن تيمية: " أبو الحسن الأشعري خير من ابن حزم في الأسماء والصفات" وهذا صحيح وليس شاهدنا ابن حزم , إنما أقول المتأخرين، حتى يقول بعضهم: طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم، فقال بعضهم: لا.

بل طريقة السلف أعلم وأحكم وأسلم، وطريقة الخلف، أغشم وأظلم وأقتم، وأجهل.

يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285] قالوا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، ونقلت أيضاً عن علي بن أبي طالب: [[والله لو كشف لي الله الغطاء فرأيت الجنة والنار ما زاد على ما عندي من إيمان مثقال ذرة]].

آمنوا كأنهم يرون الغيب من وراء ستار رقيق، كان أبو بكر كما ذكره الإمام أحمد عنه في كتاب الزهد يقول: [[يا أيها الناس! استحيوا من الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إني أذهب إلى الخلاء لقضاء حاجتي فأضع ثوبي على وجهي حياء من ربي]].

ولذلك يقول مطرف بن عبد الله بن الشخير ولا يصح هذا حديثاً, وقيل: إنه من كلام الحسن: [[ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل]].

وقال مطرف: [[ما غلبهم أبو بكر بكثرة صيام ولا صدقة ولا صلاة ولكن بإيمان وقر في قلبه]].

إذاً: أسئلة الصحابة كانت في الفرعيات ولم تكن في الأصول, ولو أن لـ ابن تيمية ملاحظة عن هذا التقسيم يقول: تقسيم الدين إلى أصول وفروع ليس في الكتاب ولا في السنة ولا له أثر، فبعضهم يقول: مسائل الأصول هي المعتقد والفروع هي العبادات والمعاملات, وبعضهم يقول: الأصول ما ثبت بأدلة قطعية والفروع ما ثبت بأدلة ظنية.

ولا أثر لهذا.

إنما أقول القاعدة الرابعة: أجمع الصحابة على مسائل المعتقد وسلموا لمعانيها ولم يختلفوا بحمد الله في مسألة منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015