ترى الجهات والسلاطين، إذا طرقتهم في الثالثة ليلاً أو الرابعة، لا يفتحون لك وقد يغضب عليك وإذا أتيتهم في غير وقت الزيارة لا يسمحون لك، ولا يستقبلون معاريضك، ولا يسمعون بكاءك، ولا شكايتك، ولا يرحمون دموعك، إلا إذا أتيت في وقت خاص، بأمر خاص، وإذن خاص، وشفاعة خاصة، ثم هو على مزاجه، إن شاء أعطاك وإن شاء رفض.
أما الواحد الأحد، ففي كل لحظة، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].
ولذلك فإن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى يُدْخل في أي وقت.
قال يوسف بن أسباط: عجباً لك يا بن آدم! خُلِّي بينك وبين الماء البارد، تتوضأ وتدخل على الله متى شئتَ.
قال الصحابة وهم في سفر: {يا رسول الله! أربنا قريب فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟}.
أي: هل هو قريب فنتكلم إليه بالصوت الخافت؟ أم هو بعيد فنرفع أصواتنا؟
{فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]} وهي من أعظم الآيات المؤثرة في حياة العبد، أن تناجي الواحد الأحد في أي وقت، فيسمع دعاءك.
قال بعض المفسرين: إن يوسف عليه السلام لبث في السجن سبع سنين لسبب واحد، لأنه كان يقول لزميله في السجن كما في القرآن الكريم: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف:42] أي: اذكرني عند سيدك، الملك، فإذا دخلتَ عليه وقد أطلقك، فحاول إذا أتى ذكري أن تذكرني عَلَّه يطلقني من السجن، فأوحى إلى يوسف: ذكرتَ ربه ولم تذكر ربك؟! لماذا لم تذكر حاجتك إلى الواحد الأحد؟! ولماذا لم تقل أنتَ: يا الله، يا الله؟! من الذي يمنعك أن ترفع يديك إلى الواحد الأحد؟! إنه قريب سميع مجيب.
خرج الصحابة، فلما أصبحوا في الربع الخالي، تقطعت بهم المياه وتقطعت بهم الأسباب والأنفاق والحبال، وأصبحوا في درجة من الهلاك والظمأ، لا يعلمه إلا الواحد الأحد، قالوا لأميرهم العلاء بن الحضرمي: [[ادعُ لنا ربك قال: يا عليُّ! يا عظيم! يا حكيم! يا عليم! فأرسل الله سحابة، فأمطرتهم، فشربوا واغتسلوا وملئوا أوانيهم.
]] أليس الله هو القريب: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:1 - 4].