علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن إذا ولد لأحدنا مولود أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى، والحديث حسن وهو في السنن، وقد فعل صلى الله عليه وسلم هذا مع الحسن والحسين، حيث أذن في أذن أحدهم في اليمنى وأقام في اليسرى.
سبحانك يا رب! يا للحكمة! أول ما يقع رأسه على الأرض يسمع أذان الحق، يسمع الأذان الخالد، يسمع الرسالة المعطاءة، التي أنزلها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يسمعونه لغواً ولا زوراً ولا فحشاً ولا مجوناً، وإنما يدوي في أذنه من أول مرة: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر فتنبت في قلبه وهو رضيع شجرة الإيمان.
قال الله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم:24 - 25] إي والله، إنها شجرة (الله أكبر).
زرعنا الله أكبر منذ حين فأنبتنا شباباً خالدينا
ويقيم في الأذن الأخرى لينشأ عابداً مصلياً متوجهاً إلى الله.
وهذه السنة قد أهملت عند كثير من الناس، وربما ينشأ الطفل وقد ردد على لسانه كلام الفحش والمجون والعهر والعياذ بالله؛ لأن اللسان إن لم يقوَّم نقل كلاماً لا يرضي الله، والعقل إن لم يهذب حمل أفكاراً لا ترضي الله، والقلب إن لم يوجه حمل وسوسة ووثنية تغضب الله عز وجل.
فأنت الأب، وأنت القائم، وأنت الحكيم على ابنك، وأنت المستودع، وأنت المسئول أمام الله، قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ} [التحريم:6].
الأمر الثاني: من السنة أن نعق عن المولود، عن الذكر شاتين وعن الأنثى شاة، فقد جاء في حديث حسن: {عق صلى الله عليه وسلم عن الحسن شاتين} وكان عليه الصلاة والسلام يعق عن الأنثى، وأمر أن يعق عن الأنثى بكبش واحد.
ومن حكم العقيقة؛ أن يبدأ الأب في البذل والعطاء، ويعلن الفرحة، ويشكر الله على هذه النعمة؛ أن رزقه ولداً، فالابن نعمة من الله؛ خاصة إذا نشأ نجيباً ودوداً حبيباً، والولد ليس بالأمر السهل، والعقم مرض، ولا تصفو لك الحياة إذا كنت عقيماً، وقد شكا بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام العقم إلى الله قال زكريا: {رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء:89] اجعل لي وارثاً، لكن ليكن هذا الوارث صالحاً صادقاً مخلصاً منيباً.
فما دام أن الله قد أنعم عليك بنعمة الولد فاشكره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وادع جيرانك وإخوانك، وأطعمهم طعامك؛ لتعلن نعمة الله وشكرها وليكن أول طريقك مع هذا المولود البذل والكرم والعطاء، لا البخل والجفاف والحبس فهذه من حكم العقيقة، وكل مولود مرتهن بعقيقته حتى يعق عنه.
وكذلك من السنن أن يحلق رأسه، وأن يتصدق بوزنه فضة أو ما يعادلها من المال، وهذا أمر ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن القيم في كتاب تحفة المودود بأحكام المولود، والحكمة في ذلك: تفاؤلاً بأن الله يحط عنه الخطايا، وأن ينشئه عبداً صالحاً، وأن يكون طيباً مقبولاً، ولحكم أخرى قد لا تظهر لنا.