وابن عمر يقول: {نزلت إلى السوق -ولكن رواية البخاري ليس فيها هذه الزيادة- فأخذ صلى الله عليه وسلم بمنكبَيَّ -أي: بمجامع ثيابه من منكبَيه، وفي لفظ: بمنكبِي- فقال: يا عبد الله، كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل}.
وكان ابن عمر يقول: [[إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لسقمك، ومن حياتك لموتك]].
فبَقِيَت كلمةُ: {كن في الدنيا كأنك غريب} تَرِنُّ في أذنه، فكان من أزهد الصحابة على الإطلاق.
رأته عائشة رضي الله عنها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يذهب إلى السوق في بردة لا تساوي عشرة دراهم، فدمعت عيناها وقالت: [[ابن عمر من الذين دفنوا في البرد يوم أحد مع الرسول صلى الله عليه وسلم]] أي: مِن الشهداء.
يقول سائل لـ نافع: [[ما هو عمل ابن عمر إذا دخل بيته؟ قال: كان يتوضأ ويقرأ في المصحف، ويتوضأ ويقرأ في المصحف، ويتوضأ ويقرأ في المصحف]].
وابن عمر من الأولياء الكبار وإنما أذكر هذه القصص تربية وأسوة وقدوة؛ علَّ الله أن ينظر إلينا بنظرة خير فيجعلنا ممن أحبهم إذا لم نعمل بعملهم.
استمرت به الحياة، وازدحم الناس على الملك بعد مقتل عثمان، وقد كان من المرشحين المرموقين للخلافة، لكنه تركها لحديث: {كن في الدنيا كأنك غريب} رأى الذهب والفضة فما أخذ منه شيئاً لحديث: {كن في الدنيا كأنك غريب} رأى المناصب تبذل إليه فما أخذها لحديث: {كن في الدنيا كأنك غريب} رأى البغال، والشهب، ورأى الخيول المسومة، ورأى اللذائذ، والقصور تشرف عليه من بغداد ودمشق، فتركها يوم فَتَحَ المسلمون الفتوح لحديث: {كن في الدنيا كأنك غريب} كان إذا حج بكى عند المقام ومرغ وجهه بالتراب وقال: [[اللهم إنك تعلم أني ما تركت الدنيا إلا من مخافتك]].