نحن أمة الخلافة في الأرض، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:110] والله يقول عن هذه الأمة: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة:143] متى نكون شهداء على الناس؟ إذا أحسنا العمل بالمنهج الرباني، وأن نؤثر في الناس، وأن نصدق في حمل راية التوحيد كما أتى بها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، نكون أمة شهيدة على الناس إذا صدَّرنا الإيمان للعالم ولم نبق محصورين في الدفاع فقط، كلما هوجمنا دافعنا، ننتظر الهجوم في عقر دارنا، أن يأتينا الغزو الفكري والتلوث العقدي، ونبقى ندافع، هذا لا يكون أبداً، والأمة الآن ليست برائدة، وليس لها مكان في عالم الدول الخمس دائمة العضوية، التي تملك حق الفيتو، فكلها دول كافرة، وهي التي تدير أمور الشعوب شرقاً وغرباً، ولا يأتي قرار في الشعوب إلا من تحت تصرف هذه الدول الخمس، فأين الأمة الوسط؟ وأين الأمة الشهيدة؟ وأين الأمة المعطاءة؟ وأين الأمة التي قال الله عنها: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110]؟ انظر إلى التعبير أُخرجت! كأنها مادة وكنز، كأنها مادة حية أخرجت من تحت التراب، خرجت بلا إله إلا الله، خرجت من الصحراء تحمل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] أمة كانت ميتة، تعبد الصنم، وتغني لليلى، وتسجد ل قيس، وتشرب الخمر في الحرم، فأنزل الله عليها لا إله إلا الله، ودستورها السماوي، فخرجت تخطب على منابر الدنيا بلا إله إلا الله، وتنقذ الشعوب.
من غيرنا هدم التماثيل التي كانت تصورها خرافات الورى
حتى هوت صور المعابد سُجداً لجلال من خلق الوجود وصورا
أهو أنا وأنت؟ لا.
بل خالد وسعد، وطارق وصلاح الدين.
عمر في بردته أربع عشرة رقعة، ويغمى على كسرى وقيصر إذا ذكر، وعمر رضي الله عنه وأرضاه يتحدى الموت من على المنبر، ويفاوض ملوك العالم على أن يسلموا، قالوا: نعطيك بعض الأرض، قال: لا.
ليس لكم حكم في الأرض، سلموا، فسلموا، وتركوا الكراسي للا إله إلا الله، يدخل سعد بلا إله إلا الله، فيقول: الله أكبر، فينصدع إيوان كسرى، ويبكى سعد بدموع الفرح، ويقول: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ} [الدخان:25 - 28].