ما هي عقوبة الله التي حلت بالأمم؟ تسمع بعض الناس يقول: الحمد لله، وجدت بعض المعاصي في الناس لكن ستر الله ولم يعاقبنا.
يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر: قال أحد علماء بني إسرائيل ممن عصى الله: (يا رب! كم أعصيك وما عاقبتني؟) فأوحى الله إليه: يا فلان! كم أعاقبك وما تشعر! قال: بماذا عاقبتني؟ قال: أما منعتك لذة مناجاتي وحلاوة عبادتي؟
هذا من أعظم العقوبات، لكن الشخص لا يحس.
يقول المتنبي:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
تأتي لمقتول وتطعنه بخنجر فلا يحس، فأصبحت الأمة في شعورها مقتولة مطعونة في أعز ما تملك، في لا إله إلا الله، في قلبها وأصالتها، وفي عمقها ورسالتها، حتى يجد الإنسان أن هناك عدم تميز بين المسلم والكافر، بل بعضهم يميز الكافر، ووالله لقد ركبت مع بعض الناس، وقد رأوا أحد الشباب قصير الثوب وطويل اللحية، فيقول لهذا الرجل: أنا أرى هذه اللحى وهذه الثياب منظراً غير حضاري، فقلت له: وما هو المنظر الحضاري عندك؟ فسكت.
فقلت: المنظر الحضاري عندك أن يبول الإنسان واقفاً، مثلما يفعله الإنسان في لوس أنجلوس! والمنظر الحضاري عندك أن يغسل الكلب بالصابون ويركِّبه في السيارة؛ والمنظر الحضاري عندك أن يقبل الرجل المرأة في المطار! هذا منظرك الحضاري! أما منظر هؤلاء الذين تسننوا بسنة محمد عليه الصلاة والسلام، الذي تركته أنت وأمثالك، وواليت أعداء الله عز وجل وشابهتهم، فهذا هو الخزي والعار، وقد كان هذا في كلام طويل، أو بمعنى هذا الكلام.
فالأمة تمسخ في هويتها بسبب أنها لم تعش أصالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا سيأتي الكلام عليه.
ويروى أن عابداً من بني إسرائيل كان يعبد الله في قرية، فأنزل الله جبريل ليخسف بالقرية، فوجده يصلي فسأل الله فيه، فقال: به فابدأ، فإنه لم يتعمر وجهه غضباً لي، فلعل الأمة تدفع ديونها الباهضة التي تركتها في الأيام السالفة، ونسيت وابتعدت حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.