ورد في الآداب وكتب السير التذمر من زيارة الحمى، يقولون: أسأم زيارة عند العرب الحمى إذا زارت أحدهم، وقد تفاءل بها الصالحون ورحبوا بالحمى زائرةً في الظلام، ولكن تذمر منها كثيرٌ من الناس، وقالوا: لا نريد زيارتها ولا نرى وجهها، ولكن كثيراً قالوا: أنها تكفر الذنوب، وهي التي تغسل السيئات عن الناس، أما المتنبي فإنه نام في مصر مع كافور، فأتته الحمى فأخذ يتقلب ظهراً على بطن، وأنشد قصيدته الرائعة، التي هي من أحسن قصائده في الحمى، وهي قصيدة الحمى، التي يقول فيها:
ملومكما يجل عن الملام ووقع فعاله فوق الكلام
وزائرتي كأن بها حياءً فليس تزور إلا في الظلام
يقول: عجباً لهذه الحمى قاتلها الله، عدوة الله لا تأتي إلا في الليل، ولا تأتي في النهار، وهذه من صفات الحمى.
بذلت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي
ومما تُذمر منه الثقلاء، والثقيل هو الذي إذا أتاك أوقعك في السيئات، بعض الناس إذا دخل على بعض الناس يجرجره إلى السيئات، فهذا أثقل الزائرين، كان الأعمش إذا رأى رجلاً ثقيلاً مقبلاً، قال: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون، وورد في قصص الثقلاء ما لا نطيل الوقت بذكره.