يقول البخاري -وهو يتساءل- لطلبة العلم وللمسلمين: باب الكنية للصبي.
هل يحق لنا أن نكني الصبي فنقول: يا أبا محمد! يا أبا علي! وهو لم يتزوج، ولم يكن له أبناء؟
ثم قال: وقبل أن يولد للرجل، فالرجل الكبير الذي عنده زوجات لكن ليس له ولد، هل نكنيه أم لا؟ فهذه قضية.
وملخص الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام سمع بفاجعة ومصيبة وكارثة حدثت في المدينة، وحلت في بيت من بيوت الأنصار، وهذه الكارثة هي موت طائر صغير كالعصفور لطفل كان يلعب به، وهذا الطفل اسمه أبو عمير، فاسمه كنيته، أي: ليس له اسم إنما الاسم الكنية، وهذا جائز في العربية وعند المحدثين، فأُخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن هذا الطفل مات طائره، وقد كان له طائر فربط رجله بحبل ليلعب به في البيت.
فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة، وأتاه الخبر الفاجع، وانتقل عليه الصلاة والسلام إلى بيت أبي عمير، وهو أخو أنس خادم الرسول صلى الله عليه وسلم ليعزيه، وليرفع له أسمى آيات العزاء والمواساة على هذا الفقيد الغالي الذي أصيبت به الأمة الإسلامية في عقر دارها.
ووصل صلى الله عليه وسلم بحفظ الله ورعايته ودخل على الصبي، وقال وهو يظهر الأسى: {يا أبا عمير! ما فعل النغير} قال: مات يا رسول الله.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أظهر التأسف، ومعه شيء من البسمة الرقيقة التي عاشها صلى الله عليه وسلم، وطالما جذب بها القلوب وسبى بها الأرواح، وسوف يأتي بسط لهذه القضية، وما هو الحوار الحار الذي دار بين المعلم الكريم والزعيم العظيم، وبين هذا الطفل الصغير؟ فهذه قضية.
وصل عليه الصلاة والسلام، وبعد أن انتهى من مراسيم العزاء، قام إلى بساط هناك، فأشار أن ينضح ليصلي بأهل البيت، فصلى بهم ركعتين عليه الصلاة والسلام، وفيها أكثر من عشر قضايا سوف تأتي معنا.