الحمد لله الذي رفع السماوات بلا عمد، والذي بسط الأرض في مدد، الذي خلق الإنسان في كبد، والصلاة والسلام على أبي الزهراء سيد الأولياء، وخيرة الأصفياء، ما ترقرق الماء، وما لمعت النجوم في الظلماء، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
ومع الإمام البخاري في كتاب الأدب، وهو يجدد الأبواب تلو الأبواب، ناقلاً عن المصطفى عليه الصلاة والسلام: هديه، ودله، وشمسه، ونوره، وعظمته، التي ما لحقها أحدٌ من البشرية، ولا أتى أحدٌ من الإنسانية بالخير لأمته، ولا أدخل أحدٌ لقومه بمثلما أتى به محمدٌ عليه الصلاة والسلام.
يقول البخاري رحمه الله تعالى: باب الكنية للصبي، وقبل أن يولد للرجل.
ثم قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الوارث عن أبي التياح، عن أنس رضي الله عنه وأرضاه، قال: {كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخٌ يقال له: أبو عمير قال: أحسبه فطيماً، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير! ما فعل النغير؟ نغرٌ كان يلعب به، فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس وينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا} وهذا الحديث يعرف بحديث: {يا أبا عمير! ما فعل النغير}.
وقد تهجم بعض الزنادقة، وأذناب الملاحدة على أهل السنة ونقلة الحديث، وقالوا: إنهم يروون أحاديث لا فائدة فيها، يقول هؤلاء الملاحدة والزنادقة ومن سار مسيرتهم: المحدثون لا فهم لهم، فهم يروون أحاديث لا تعقل وليس فيها فوائد! مثل حديث: {يا أبا عمير! ما فعل النغير} أي فائدة في هذا الحديث؟!
ومثل حديث: {أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها} فهذه لا يُستنبط منها شيء، فلماذا يشغلون الناس بالأسانيد وكثرة الكلام، وليس هناك فائدة؟!
وانبرى لهم الإمام ابن القاص، أحمد بن أبي أحمد الطبري، وأخرج أكثر من ستين فائدة، ثم أتى ابن حجر حافظ الدنيا، وعلامة الزمان وأستاذ القاهرة، وصاحب فتح الباري الذي لا هجرة بعد الفتح، فأخرج فوائد تلحق على تلك فتصبح سبعين فائدة.
فلنسمع لهذا الحديث وللقضايا التي عالجها العلماء، والتي هي من القضايا الحارة في حياة المسلم، والتي أديرت بكئوس من الفضل بين الفضلاء، وعلى بساط من النبل بين النبلاء.