Q سمعت محاضرتك (أمريكا التي رأيت) وكنت أعد نفسي أن أسافر إلى أمريكا لتحضير درجة الماجستير والدكتوراه في حقل إدارة الأعمال، حيث سيبعثني عملي لتلك الدراسة، وقد وقفت كثيراً مع نفسي وبدأت أتردد، ولكني استخرت الله أكثر من مرة، فوجدت في نفسي الطمأنينة والقبول وحاولت الاتصال بك فلم أستطع، فهل أسافر أم لا؟
صلى الله عليه وسلم قلت في بداية ذلك الشريط: السفر عند علماء الإسلام لبلاد الكفر لمطالب ومقاصد لا بأس، منها أن تطلب علاجاً ليس في بلاد المسلمين كأن تعذر وجوده في بلاد المسلمين، فلك أن تسافر للعلاج، ومنها: أن تسافر داعية بشرط أن تكون مؤثراً هناك، وأن يقبلوا منك، أما أن تكون لست مؤثراً وتقول: أدعو هناك، فهذا ليس بوارد، بعضهم بقرية ما تكلم بكلمة، وما علم عجائز قريته سورة الفاتحة ويقول: أريد أن أدعو في سنغافورة أو في الولايات المتحدة الأمريكية.
نحن لا ينقصنا العدد، نحن غثاء كغثاء السيل، ينقصنا جودة، ولا ينقصنا كم بل ينقصنا كيف، اليهود الإسرائيليون عددهم مليونان لعلوا بنا طولاً وعرضاً، والمسلمون الآن مليار، لكن تعال إلى المليار نصفهم بالتابعيات مسلم، ولا يعرف يصلي، ولا يعرف الله ولا القبلة، والبقية يصلي بالاختيارات، إلا من رحم ربك، والبقية الخيرة ولا زالت الطائفة المنصورة موجودة، لكن هناك بقية كذلك، لا تعرف الإسلام إلا صلاة، وعمرة وحجاً، ومراسم تعبدية فقط، لكن لا صدق، لا وفاء، لا أمانة، لا انتهاء عن ربا، لا انتهاء عن زنا، لا انتهاء عن محرمات، لا حفظ للأوقات، لا خوف من رب الأرض والسماوات، فأين الإسلام؟ وطائفة جهلت بالإسلام، لا يعرفون شيئاً، يعرفون يصلون لكن جاهلون، يعرف يقود سيارته، يعرف يأكل، يخلع قميصه، يبني بيته، لكن إذا قلت تعال تفقه في الدين يقول: الحمد لله العلم متوفر، والله منَّ علينا بالخير، وقد عرف الدين العجائز.
لكن لو سألته في سجود السهو هل هو قبل السلام أم بعد السلام ما عرف، فأقول هذا للدعوة.
ومنها لتحصيل علم لا يوجد عند المسلمين مثل علم التكنولوجيا، هذا العلم الذي سبقونا فيه، هذه العلوم الطبيعية تطلبها من هناك، أما أن تطلب الحديث هناك أو الفقه من هناك فلا.
لا يطلب الشفاء من مريض، هم أمراض، واحذر منهم، والسنة أتت من هنا.
فتذهب هناك بشرط أن يكون هناك مصلحة، لكن أقول لك أولى وثانية وثالثة: استخر الله قبل سفرك، فإن الخيرة بيده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، واستشر أهل الرأي، وإن كان فيه مندوحة عن السفر فاترك، وإن كان يتوقف عليه نفع لك ولأمتك ولبلادك، فاذهب والله معك.
لكن إذا ذهبت فأمامك أمور، أولها: أن تذهب بزوجتك، ولو كان عندك أربع فأذهب بهن، فإنه سوف تأتيك دواهٍ ولواهٍ، مصغيات وملهيات، إن لم تعتصم بحبل الله هلكت، ومنها: أن تكون متحصناً بالأذكار والأوراد، وسنة محمد عليه الصلاة والسلام؛ لأن بعض الناس إذا وصل إلى هناك بين عشية وضحاها يصير أنكى من الخواجات ضد الإسلام.
والأمريكان ما أحجموا عن الإسلام إلا لسببين:
السبب الأول: التمثيل السيئ في بلاد المسلمين للإسلام، يأتون جاليات هنا إلى مهبط الوحي، إلى أرض الرسالات، إلى أرض الحرمين، فيظنون أنهم سوف يسمعون بتلك السيرة الماجدة لمحمد عليه الصلاة والسلام، ولـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، يجدون الصدق، والعدل، والوفاء الذي يقرءونه في القرآن والسنة، ولكن يطبقوا السنة والقرآن على المجتمع، فإذا به خلاف الأصل، الكتلوج خالف التعاليم الأرضية، الواقع خالف الخيال المكتوب، فأصبح عندهم الإسلام خيال.
ولذلك يقول كريسي موريسون يقول: ما عندكم إسلام، في بلادكم لا يوجد إسلام، فقط الإسلام يوجد عندكم في الكتاب والسنة متى تصلون إليه.
وشُوه الإسلام من أناس ذهبوا إلى، أو من جهات وكيانات هناك، تبنت الإسلام وقد شوهت الإسلام، يذهب شاب وإذا هو غداً مع فقاة ويعاقر الخمر، ويترك الصلاة، ويخون، ويغدر، ويترك العمل، فيقولون: أنت مسلم وتفعل كذا؟! هذا الإسلام ليس بصحيح.
فمثل الإسلام تمثيلاً جيداً، فأنت داعية هناك، وقد أقبل عباد الله إلى الإسلام، وقد اهتدى شبابنا هناك، ونسبة المهتدين إن لم يكونوا ثمانين أو أكثر فلا يقلون عن ذلك، والحمد لله عادت الأمة والدنيا إلى الله؛ لأن الإسلام دين حق، يصل إلى القلوب بحق ونور، وخسئت الشيوعية، ولعنت، وقبحت، انهارت رومانيا أمس.