القضية السادسة: أين سعة الصدر وطول النفس والحلم الذي نطالب به الناس في الخطب والمحاضرات والدروس، قال ابن مسعود: [[فقهاء إذا ما تكلموا]] أي: أنهم إذا كانوا على المنبر فهم فقهاء، لكن في حياتهم وواقعهم وتعاملهم، تجد الشراسة، حتى تجد بعضهم يهجر أخاه المسلم وهو يلتقي بأهل البدع، أو أحياناً بالكفار وهو مسالم معهم, حتى إذا قلت له: يا أخي! لماذا لا تشتغل بالرد على العلمانيين؟ قال: معنا أناس أخطر من العلمانيين، وقد قالوها صراحة، وتكلموا بها بوضوح، وهذا هو الخطر العظيم، والله عز وجل يرسل موسى إلى فرعون فيقول: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:44] ونحن بيننا مسلمون، مصلون، قائمون بأمر الله في الجملة، ومع ذلك لا يلين أحدنا كلامه لأخيه المسلم، فأين العدل والإنصاف؟ وأين سعة الصدر؟ وأين الحلم؟ وأين دائرة العلم الواسعة التي يمكن أن نتخاطب منها مع الناس حتى نوضح للناس منهج الله أو يوضحوا لنا هم منهج الله حتى نكون وإياهم على كلمة سواء؟
إنني أطالب نفسي وإخواني بالحلم، وعدم العجلة بإصدار الكلمات الفضة الغليظة التي تشتت الشمل، وتذهب البركة من هذا العلم، حتى تجد أحد الناس يطلب علم الحديث، لكنه وجه الجرح والتعديل إلى جرح واغتياب الناس، فإذا قلت: لا تغتاب هذا العالم، قال: هذا من باب الجرح والتعديل عند أهل السنة والجماعة، فيأكل لحوم الناس تحت هذه المظلة، وهذا محرم ولا يجوز له.