اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالعافية في المال والأهل والولد.
لك الحمد ربنا على كل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، أو سر أو علانية، أو حاضر أو غائب.
لك الحمد ربنا حتى ترضى, ولك الحمد إذا رضيت.
وصلوات الله وسلامه وبركاته على نبينا محمد النبي الصادق الأمين, وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وخلفائه الراشدين, وسائر الصحابة أجمعين, ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ومع الحلقة الثانية عشر تعود إليكم دروس الوعي وتعودون إليها والعود أحمد، أهلاً بكم مع قضية من أكثر القضايا إلحاحاً على واقعنا، ففي حين يشكو الناصحون المشفقون على هذه الصحوة؛ من فقدان اللياقة في الاختلاف، أو يشكون من غيبة أدب الحوار، أو الحساسية من النقد، مما حول الخلاف إلى تنازع يعقبه فشل: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال:46].
فإنه في الوقت ذاته نرى خلطاً غريباً عجيباً في أحيان كثيرة حين تعرض هذه القضية عرضاً نراه يفضي إلى تغييب الولاء والبراء في عتمة تعدد وجهات النظر، أو إخفائه تحت مظلة حتمية الخلاف، ويراد من ذلك أن ننظر إلى الخلاف بين الإسلام والعلمنة، أو بين السنة والبدعة كنظرنا إلى الخلاف بين الصحابة رضوان الله عليهم في صلاتهم العصر في بني قريظة.
وربما مرر ذلك على عبارات يساء وضعها أو يساء فهمها، فهل كل اتفاق نتعاون فيه؟ وهل كل اختلاف نتعاذر فيه؟ وهل كل اختلاف رحمة؟ وهل كل اختلاف لا يفسد للود قضية؟ وهل يقبل شرعاً أو يليق أدباً مع محمد صلى الله عليه وسلم, أن يُستقدم إلى ثرى جزيرة العرب , جزيرة الإسلام، ومهده وملاذه, هذه الجزيرة التي كانت في وجدان محمد صلى الله عليه وسلم وهو يودع الدنيا فلحقت نفسه بالرفيق الأعلى وهو ينادي: {ألا لا يجتمع في جزيرة العرب دينان} هل يليق أن يستقدم إلى ثراها حداثيٌ مغموز عليه بالنفاق؟! أو شيوعيٌ من أفراخ الشيوعية المفلسة، ثم ترفع لهم المنابر، وتبوأ لهم المنصات؛ ليطرحوا طروحهم المشبوهة تحت مظلة حتمية الاختلاف، ويسكت الصوت المقابل تحت شعار: "أدب الخلاف".
إن الحاجة جد ماسة إلى تجلية هذه القضية، وتبيين معالمها؛ حتى تعصم جماعة المسلمين من شرذمة التفرق، وبوادر التنازع، وبوار الفشل، وشؤم الخلاف، وحتى يعصم المجتمع المسلم أن تتنفس فيه رئة الباطل بمقولة علمنة، أو تنفث فيه فرقة زائغة بنفث بدعة، هذه القضية سيبين سواها ويلحم سداها, شيخنا وحبيب قلوبنا وقرة عيوننا أبو عبد الله الشيخ عائض بن عبد الله القرني، والذي لا يسعني أن أثني عليك، فقد أثنت عليك فعالك، ولا يسعني أن أمدحك فقد مدحك موقفك وعطاؤك.
وكنت الجريء النفس في كل موقف تلفت فيه الحق لم يلق حاميا
وكنت على الأفواه سيرة مجمل وكنت حديثاً في المسامع عاليا
لكن يسعنا أبا عبد الله أن نحييك، فحياك الله بكل تحية من عنده مباركة طيبة، حياك الله كلما خطت لك قدم بحب، أو نظرت إليك مقلة بشوق، أو أصغت لك أذن بلهف، ويسعنا أن نكافئك بما لا نملك أن نكافئك إلا به ألا وهو الدعاء، فأسأل ربي بأسمائه المباركة الحسنى أن يبارك في عمرك، وينسأ في أجلك، ويبلغك من الخير مرادك، وأن يقر عينك بعز الإسلام وظهور المسلمين: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف:100].
وأدعكم مع أبي عبد الله فليتفضل مشكوراً مأجوراً.