أما أخوف موقف؛ فهو موقف الطائرة, فقد ركبت في طائرة بعد أزمة الخليج، وكانت الطائرات رابضة فترة نظراً لعدم الرحلات بسبب الحرب، فركبنا في الطائرة وبعد أن ارتفعنا عن أبها فالطيار أصلحها وشحمها ثم ارتحل بنا، فلما اقتربنا من الرياض وقفت محركاتها، فبقينا على سماء الرياض أكثر من ساعة وهو يذهب بنا إلى المطار عشر مرات، وأتى بنا من الخوف والهلع ما الله به عليم، وبعضهم بكى حتى رأيت الدموع على الخدود، ورأيت من تاب وأناب: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت:65] وكانت النساء أكثرنا انهياراً، ووجدت التوحيد متحققاً عندي وارتفع ضغطه كثيراً، واتصلت بالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أنا وإخواني، وفي الأخير أطلق الله محركاتها فنزلت، وكأنا خرجنا من القبور إلى الحياة، وهذا ينبئ عن ضعف الإنسان، ويصل إلى درجة استجارته بالله الذي يجيب المضطر إذا دعاه.