وعندنا قضية من هذه القضايا، وهي: بيان العلماء، الذي صدر حول مشكلة كوكنر وقتل الشيخ جميل الرحمن، وقد صدر عن علماء البلاد، ممثلاً في سماحة عالم المسلمين الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وغيره من العلماء والدعاة البالغ عددهم: عشرين داعية.
يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بَعْد:-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فغير خاف على أحد ما جرى في أفغانستان من الخلاف، وما ترتب على ذلك من تفاقم الأمر في صفوف الأمة من الدعاة، والخطباء، وطلبة العلم، وعموم الشباب، وسائر الناس، من جراء الخوض في هذه المسائل دون تثبت ولا علم ولا بصيرة، ومن نصرة طرف على طرف، وهجومٍ على طرف أو دفاعٍ عن طرف من أطراف النزاع.
إننا نناشد جميع المسلمين، وخاصة الشباب الغيورين على قضايا الأمة بالكف عن الخوض في هذه المسألة بأي صورة تأييداً أو تنديداً؛ لِمَا ينجم عن ذلك من تفرق كلمة أهل الخير في كل مكان، وتشتت آرائهم واختلاف قلوبهم، وربما أدى ذلك إلى التشاحن والتطاحن والتباغض، وأوصل بعضهم إلى الولاء والبراء، والحب والبغض، والاشتغال بتصنيف الناس، على حسب مواقفهم من هذه القضية.
وإن أخشى ما يخشاه العقلاء، أن تكون ثمة أصابع خفية، تهدف إلى زعزعة الأمة لصالح أعداء الإسلام من الشرق والغرب، فأفضل وسيلة لتفويت الفرصة على العدو هي ترك الخوض في هذه المسألة نهائياً والإعراض عنها بالكلية، والاشتغال بما هو أجدى وأهم من ذلك، وهو طلب العلم النافع، والدعوة إلى الله، والإقبال على العبادة، وتهذيب السلوك، وتصفية القلوب من لوثات الحقد والحسد والبغضاء، التي يبذرها الشيطان في نفوس الناس.
علماً أن ثمة جهود طيبة من جهات عديدة تتدخل بهدف الإصلاح بين الأطراف المتنازعة، وقد قطعت بهذا المجال شوطاً كبيراً، ولعل ترك الخوض في هذه المسألة مما يساعد هذه اللجان على أداء مهمتها، وستعلن النتيجة قريباً بإذن الله.
كما أن على الجميع نشر العقيدة الصحيحة في صفوف المسلمين في سائر الأقطار، بالأسلوب الحكيم المناسب البعيد عن التنفير، وبكافة الوسائل المتاحة، كالدعوة، والتعليم، وطباعة الكتب، ونشر الأشرطة المفيدة، وغير ذلك.
وإننا إذ نعتبر هذه مسئولية الجميع فإنها منوطة بصفة خاصة بمن أعطاهم الله تعالى مزيداً من العلم والبصيرة في الدعوة، أو في الجاه والمال، فنأمل من إخواننا المسلمين مراعاة ذلك والسعي في تنفيذه بقدر الإمكان.
كما نناشد إخواننا المجاهدين الأفغان، وقادتهم خاصة، السعيَ لتوحيد كلمة المجاهدين ولَمِّ صفوفهم تحت راية عقيدة أهل السنة والجماعة، والحرص على حقن دماء المسلمين ووحدة الصف امتثالاً لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:103] وقوله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46] وقوله: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:105].
ونسأل الله للجميع التوفيق لصلاح القول والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد، رسوله ونبيه، وعلى آله وصحبه أجمعين".
التوقيع:
عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
حمود بن عبد الله التويجري.
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.
عبد الرحمن بن ناصر البراك.
وغيرهم من العلماء والدعاة، بما يبلغ اثنين وعشرين عالماً وداعية.