Q فضيلة الشيخ! هنالك رسالة لكم بعنوان: أمراض الوعاظ، ويبدو أنها لم تطبع بعد، فهل لكم أن تعطونا فكرة عن هذه الرسالة؟
صلى الله عليه وسلم هذه الرسالة أكملت، وهي في ما يقارب خمسين صفحة، واستفدتها من التجربة والاستقراء والصبر، لأنني عشت فترة غير واعظ، ومكثت برهة من الزمن غير متحدث، فرصدت وأخذت أراقب عن كثب ما يقوله إخواني وزملائي من الوعاظ؛ فأدركت بعض الملاحظات الكبيرة التي قد تصل إلى أربعين أو واحد وأربعين ملاحظة، واختصرت بعض الأشياء، والحقيقة أن الذي يتكلم ويباشر ويتحدث إلى الناس قد لا يدرك الخطأ الذي يقع فيه، ولكن المتفرج والمراقب يدرك من الأشياء والنقد والعوار -أحياناً- ما يحتاج إلى أن يبثه إلى إخوانه.
وأنا لست في مكان المستعلي على إخوانه وزملائه، لكني -إن شاء الله- في مكان الناصح المسدد الذي يعرض المسألة بدون ذكر أسماء، وقد أدركت -مثلاً- أن كثيراً من الوعاظ عنده شهية في الحديث والكلام، فهو يريد أن يتكلم بأي شيء، وقلبه ينازعه بأن يتحدث بكل مسألة، وفي كل مكان ومجلس، وهذا عيب يحتاج إلى أن يسدد ويصفى؛ لأن السلف كانوا يكرهون كثرة الكلام، وكانوا يتخولون الناس بالموعظة.
وأدركت أن بعضهم يلقي الكلام على عواهنه، دون تحضير مسبق، ويدعي أن الله سوف يفتح عليه، ويبدأ في الكلام، ثم يجمع كشكولاً أو قاموساً من الأحاديث والموضوعات دون رتابة، وهذا إلغاء وعدم احترام لعقول الجمهور.
أيضاً: الأحاديث الموضوعة يتساهل كثير من الوعاظ فيها، حتى أني كنت أسمع في مجلس رجلاً يعظ الناس في حديث علقمة وحديث ثعلبة، وأحاديث ما أنزل الله بها من سلطان، ولا توجد في كتب أهل العلم، ويترك الصحيحين والمسانيد والمعاجم.
ومنها أيضاً: العلو الذي يقع فيه بعض الناس، وهو استعلاء وإسقاط للآخرين، فيقول: كنت وقلت وكتبت ورأيت ولي كتاب في ذلك وسبق أن تحدثت ولي ردود وهذه ترجمة للنفس، والحقيقة أن هناك ملاحظات كثيرة، لكن أقول: لعل من الجدير أخي الواعظ أن تقرأ هذا الكتاب حتى تعلم، وقد قرأه بعض الفضلاء ووصلتني منهم بعض الملاحظات؛ علها أن تكون مفيدة، فإن كان فيها سداد فمن الواحد الأحد، وإن كان فيها خطأ فمن نفسي والشيطان, والله بريء من ذلك، ورسوله معصوم, والرسالة تحت الطبع إن شاء الله.
العشماوي: ومثل هذ أرى أنه من النقد الذاتي المطلوب، وهو خطوة طيبة جداً، ونحن بحاجة إلى أن ننقد خطواتنا، فحبذا لو نزل الكتاب حتى ولو كان فيه بعض الأخطاء، أو بعض التجاوز، والإنسان من طبعه النقص, ونتمنى أن نجدها مطبوعة إن شاء الله قريباً.