الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة عاشوها: {وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب:10] إذا كان أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، يظنون بالله الظنون إلى درجة أنهم ظنوا أن الله لا ينصرهم، فكيف بنا؟!
يحفر صلى الله عليه وسلم فيقدح الشررُ من الآلة التي يضرب بها، ويقول: رأيت قصور كسرى وسوف يفتحها الله عليَّ، فيقول المنافقون: ما شاء الله! لا يجرؤ أحدنا أن يبول من الخوف، ويفتح الله له قصور كسرى وقيصر}
وبالفعل صدق الله ورسوله، وهذا هو الصحيح الوارد الثابت في التاريخ والكتاب والسنة.
يقول صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس بعد انتصاره في الفتح: {الحمد لله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده} وأثبت الله هذه القضية، وأنها تغيب عن كثيرٍ من الناس، فينسبون النصر لغير الناصر تبارك وتعالى، ونصرنا بآل فلان وآل علان وهذا كذب ودجل: {إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران:160].
إذا خذلكم الله من ينصركم؟ كان العدو ليس سهلاً، مليون مقاتل، يا أخي! مليون جندي! مليون يحملون السلاح الفتاك، ألوفٌ من الدبابات، والمجنزرات والآليات، ولكن دعاء الصالحين أسكته وبكته وفضحه، دعاء أهل الحرمين، ودعاء القنوت في المساجد، الأكباد الحرى، الدمعات الحارة، الدعاء الصادق إلى ذي العرش والجلال والجبروت، إلى من على العرش استوى، كم من مسلم دعا: اللهم اخذله، اللهم أسقطه، اللهم اقصم ظهره، فقل لي: لعلها دعوةٌ واحدة قبلت والملايين رفضت، فقصم الله ظهره، فضيحةٌ ما بعدها فضيحة، وعارٌ ما بعده عار:
فمن في كفه منهم قناةٌ كمن في كفه منهم خضابُ
وتولوا خاسرين نادمين حقيرين، ولنا عودةٌ في هذا الموقف، يقول سبحانه: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:10].
وترى التوحيد يهتز عند بعض الناس بما يسمعون ويقرءون، خاصةً إذا فصلوا عن قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام، فينسبون النصر لغير الناصر، وينسبون الشكر لغير المنعم، وينسبون الجميل لغير المتجمل، فتعالى الله ما نصرنا إلا هو وحده فله الحمد وله الثناء الحسن دائماً وأبداً ليلاً ونهاراً.
خرج صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألف مقاتل من المسلمين، وكان هذا من أكبر الجيوش فيما أعلم في تاريخ الدعوة المحمدية على صاحبها الصلاة والسلام، فخرجوا إلى حنين وكان العادة أنهم من المئات إلى الألف فما دون، فالتفت بعض الصحابة فرأى الجيش ضخماً مسلحاً عرمرماً، فتبسم وقال: [[لن نغلب اليوم عن قلة]] فأراد الله أن يخبر الصحابة أنه ليس النصر بكثرة الجيش أو بقلته، ولما بدأت ساعة الصفر وابتدأت المعركة وأتى أهل هوازن مع مالك بن عوف، وأطلقوا السهام، فرَّ الجيش جميعاً ما بقي إلا ستة.
أين الكثرة؟! أين الكتائب؟! أين الميمنة والقلب والميسرة؟! لا شيء.
ونادى عليه الصلاة والسلام في الناس، ورجعوا وانتصروا فأنزل الله: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة:25].
فمن الذي نصركم؟ إنه الله.
فلله الحمد.
كان عليه الصلاة والسلام يقول قبل المعارك: {اللهم منزل الكتاب، مجري السحاب، هازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم} فينتصر عليه الصلاة والسلام.
وهذا سليمان عليه السلام رأى جيشه فقال: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل:40].
يوم ننتصر نقول: الحمد لله، ونشهد أن لا إله إلا الله، أما هذه الإشارة فإنها من كيس ريجول الفرنسي، وهي لاغية في عهد محمد عليه الصلاة والسلام لا حظ ولا دخول لها في بلاد المسلمين، نحن إذا أشرنا أشرنا بالوحدانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:1 - 4].
من الفكاهات الإسرائيلية التي وضعت يقولون: طارق عزيز بعد ما هزم جيش العراق، دخل على صدام حسين، فأشار إليه بالسبابة والوسطى -يعني: علامة النصر- فظنها علامة النصر وتبسم وقال: انتصرنا، قال: لا.
بقي أنا وأنت.
وسندها معلول، قال سبحانه: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ} [الصافات:173].