حقيقة الغمة

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً:

يا رب حمداً ليس غيرك يحمد يا من له كل الخلائق تصمدُ

أبواب كل مملكٍ قد أوصدت ورأيت بابك واسعاً لا يوصدُ

الصالحون بنور وجهك آمنوا عافوا بحبك نومهم فتهجدوا

{وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران:123] لمن الخطاب؟ لمحمدٍ عليه الصلاة والسلام الذي حمل النصر الحقيقي للأمة، الذي رفع رأسي ورأسك ورأس أبي وأبيك، ورأس جدي وجدك، بنى المنائر والمنابر، وبنى المعاهد والجامعات بلا إله إلا الله:

دعها سماويةً تجري على قدرٍ لا تفسدنها برأيٍ منك منكوسِ

عنوان هذه المحاضرة: واجب الأمة بعد زوال الغمة.

ولها عناصر:

الأول: نعمة الحماية والاستقرار، وأثرها على الناس.

الثاني: من الناصر؟ من الذي نصرنا؟ من هو هذا الذي أيدنا وخذل عدونا؟

الثالث: شكر المنعم تبارك وتعالى بماذا يكون؟

الرابع: إقامة شرع الله في الأرض، جزاء تمكينه ونصره تبارك وتعالى.

الخامس: البناء العقدي المتين.

السادس: دروسٌ من الأزمة والغمة.

ليست الغمة أن تقاتل الشعوب من أجل مبادئها ومن أجل نصرة أفكارها الحقة، فذلك فريضةٌ في القرآن وواجبٌ في السنة، وليست الغمة أن تدفع الأمة أبناءها ليقدموا أرواحهم، ويقدموا جثثهم قرابين لله الواحد الأحد، فعلى جثث حمزة ومصعب وخبيب قامت لا إله إلا الله.

وليست الغمة أن نقف في وجه الكافر، وفي وجه المعتدي والظالم، ونقول له: قف؛ فقد وقف صلى الله عليه وسلم في وجه أبي جهل، وأبي لهب، ووقف موسى في وجه فرعون، ووقف إبراهيم في وجه النمرود!!

وليست الغمة أن نخوض المعارك، فنحن أبناء المعارك ولدتنا كابراً عن كابر:

فإن الماء ماء أبي وجدي وبئري ذو حفرت وذو طويتُ

وما يخوض المعارك إلا نحن، ومن علم الناس القتال إلا نحن؟ ومن الذين سكبوا دماءهم رخيصةً في سبيل الله تعالى إلا نحن؟! وليست الغمة أن تشدخ رءوسنا تحت الدبابات، وتقطع أكتافنا تحت المجنزرات.

ولكن الغمة ما هي؟

الغمة: أن تحيد الأمة عن مبادئها وتعيش خواءً عقدياً، والغمة أن تنطمس: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] من نفوس الأمة!

والغمة: أن تنحرف الأمة عن ولائها لله وتبرئها من أعداء الله!

والغمة: أن تعيش الأمة ذاهلةً ضائعة لا تدري أي طريقٍ مستقيم رسمه محمد عليه الصلاة والسلام.

والغمة: أن تقدم الأمة شبابها إلى الملاهي والمنتديات الحمراء والمقاهي عباداً للمعصية وعشاقاً للنزوة، مصفقين للعبة!!

هذه هي الغمة.

ولكن لنستمر في مسلسل هذه المحاضرة، والله المستعان وعليه التكلان.

يا رب هب لي بياناً أستعين به على قضاء حقوقٍ نام قاضيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015