خوف ابن المبارك من الله عز وجل

يقول محمد بن القاسم -وهو أحد تلاميذ ابن المبارك -: سافرتُ مع عبد الله بن المبارك فرأيته في السفر، فقلت: سبحان الله! يصلي كصلاتنا ويقرأ كقراءتنا ويصوم كصيامنا ورفع الله له الذكر الحسن في الناس، ورفع الله مكانته في العالمين، فبماذا هذا؟ قال: فدخلنا حجرة ونحن مسافرون، فانطفأ السراج علينا، فذهبنا نلتمس سراجاً نستضيء به، وأتينا ابن المبارك بالسراج وهو في الظلام فإذا هو يبكي ودموعه تتحدر من رأس لحيته، قلنا: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: والله لقد ذكرت القبر في هذه الغرفة المظلمة الضيقة فكيف بالقبر.

والموت فاذكره وما وراءهْ فمنه ما لأحد براءه

وإنه لَلفيصل الذي بهِ ينكشف الحال فلا يشتفِي

والقبر روضة من الجنانِ أو حفرة من حفر النيرانِ

إن يك خيراً فالذي من بعدهِ أفضل عند ربنا لعبده

وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ

أيها المسلمون! إننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا بالرقابة مع الله، وفي تدبر أيام الله، والاستعداد للقاء الله عز وجل، قبل أن نصل إلى حفرة نستَعْتِبُ فلا نُعْتَب، ونطلب العودة فلا نُعاد، ونرجو الرجعة فلا نرجع أبداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015