المسألة الثانية: إن التوحيد هو سر من أسرار الله أنزله في القلوب، التوحيد ليس علوماً تقال في الأذهان، أنا أعرف رجلاً عامياً يحفظ الفاتحة وسوراً صغيرة، لكن التوحيد في قلبه أرسخ من الجبل، جاء ابنه -وابنه يدرس في المتوسطة- وعنده الكتاب المقرر في التوحيد، مكتوب فيه" الدليل على وجود الله" الأب لا يستطيع أن يتفاهم مع هذه القضايا، وجود الله مثل وجوده هو، أو أعظم، أو وجود الجبل أمام عينيه، فيقول لابنه: ما هذا الكلام؟ قال: هذا الكلام يقول الدليل على وجود الله، قال: هذا كلام الكفار، الله لا يحتاج إلى تدليل على وجوده، لا تقل هذا الكلام
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
فيا عجباً كيف يُعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد
قيل للإمام أحمد إمام أهل السنة رحمه الله ما هو التوكل! قال: التوكل مثل توكل إبراهيم عليه السلام.
وتوكل إبراهيم أن جعله النمرود بن كنعان في المنجنيق، ورمى به إلى نارٍ أوقدها، فلما أصبح إبراهيم عليه السلام في الجو، واقترب من النار، جاءه جبريل عليه السلام، فقال: يا إبراهيم! ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، وأما إلى الله فنعم، فلما اقترب من النار، قال إبراهيم: حسبنا الله ونعم الوكيل، فجعلها الله برداً وسلاماً عليه.
قال ابن عباس معلقاً كما في صحيح البخاري: [حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم، فجعل الله له النار برداً وسلاماً، وقالها محمد عليه الصلاة والسلام يوم قيل له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:173 - 174]]]