نعجب كيف ساءت أخلاقنا، وكيف فسدت بيوتنا وفسد شبابنا! لأننا أخذنا تعاليمنا من غير القرآن، أخذناها من المجلة الخليعة والأغنية الماجنة، ومن جلساء السوء، حتى إن أحدهم يعرف المغنين والمغنيات والفاجرين والفاجرات الأحياء منهم والأموات، ولا يعرف حياة صحابة محمد صلى الله عليه وسلم، الذين فتحوا الدنيا وعمروا المعمورة ونوروا عقول البشرية، ولا يتحاشى أحدنا أن يحفظ الأغنية بحروفها وبلحنها وبطولها وبعرضها، ومَن لحَّنها، ومَن أنتجها، ولا يحفظ سورة من كتاب الله عز وجل! أي خيبة وصلت إليها الأمة بعد هذه الخيبة؟! وأي حسرة وصلنا إليها بعد هذه الحسرة؟!
فبعد حياة كنا فيها أرقى الأمم، حتى إن الصحابي كان يقف عند الرسول صلى الله عليه وسلم وهو شاب في سن الشباب، فيأتي في معركة أحد ويقول: يا رسول الله! إنني ذاهب إلى الجنة والله لا أعود.
جزاك الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
يأتي عبد الله بن عمرو الأنصاري الشاب فيستشهد ويقطع بالسيف أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، فيبكي عليه ابنه، فيقول عليه الصلاة والسلام: {إن الله كلمه كفاحاً -أي: بلا ترجمان- فقال الله عز وجل: تَمَنَّ يا عبدي، قال: أتمنى أن أُعاد إلى الدنيا فأُقتل فيك ثانية، قال: إني كتبتُ على نفسي أنهم إليها لا يرجعون، فتَمَنَّ، قال: أن ترضى عني فإني قد رضيت عنك، قال: فإني قد أحللت عليك رضاي فلا أسخط بعده أبداً، فجعل الله روحه في حواصل طير ترد ماء الجنة تشرب منه وتأكل من شجر الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة في السماء}.
ويأتي شاب آخر ويقول: إني أجد ريح الجنة من دون أحد؛ فيُقتل ويُضرب بالسيف سبعين ضربة حتى مات، فلم يعرفه إلا أخته ببنانه.
وجاء في الحديث الصحيح: {أن ابن الزبير دخل على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، -والحجامة: إخراج الدم الفاسد- فأُخرج الدم منه صلى الله عليه وسلم ووُضِع في إناء، فقال لـ ابن الزبير: اذهب بهذا الإناء وضعه في مكان لا يراه أحد، فذهب ابن الزبير وكان عمره عشر سنوات، فلما اختفى في سكة من سكك المدينة شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما عاد قال صلى الله عليه وسلم: أين وضعت الدم؟ قال: وضعته في مكان لا يراه أحد.
فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ويل لك من الناس وويل للناس منك، لا تمسك النار}.
هل عرف التاريخ شباباً مثل هذا الشباب؟! هل عرفوا إقداماً مثل هذا الإقدام؟
إنهم شباب محمد صلى الله عليه وسلم الذين رباهم بالقرآن، ولذلك فقد تربى الكثير منا -إلا من رحم الله- على الأغنية الماجنة، والمجلة الخليعة، وعلى جلساء السوء، فأخرجت هذا الإنتاج العجيب: المعاصي، والسجون المعبأة، والمخدرات، والانحراف عن منهج الله، والشرود عن آياته التي نراها في مجتمعاتنا، ونسمع قضاتنا يتحدثون عنها صباح مساء، يندى لها جبين المسلم، وفي الأخير نقول: ما لنا لم نفعل مثل الصحابة؟! وما لنا ننحرف؟! وما لنا ليس عندنا استقامة ولا منهج قويم؟! والسبب أننا لم نعش مع القرآن ولم نتأثر به.
فمحتوى هذا العنصر: أن نعيش مع القرآن، وأن نتدارس كتاب الله عز وجل.