اعلموا -بارك الله فيكم- أننا كنا قبل القرآن وقبل محمد صلى الله عليه وسلم أمة أعرابية بدوية لا تعرف شيئاً، كانت أمتنا تتقاتل وتتنازع على موارد الماء، كان الزنا والفحش والعهر فيها فاشياً، حتى أن الأمم غير أمة الإسلام لم تكن تعرف أمة الإسلام ولم تكن تعرف الأمة العربية.
يقول أهل القومية الآن: " إن تاريخنا بدأ من فجر البشرية "، فما صدقوا في ذلك بل كذبوا، فإنه تاريخنا لم يبدأ إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أثبت التاريخ أن الأمم لم تكن تعترف بنا.
دخل ربعي بن عامر على رستم قائد فارس في معركة القادسية، فلما دخل ربعي -وهو مجاهد من المجاهدين- دخل بثياب ممزقة، وفرس هزيل، ورمح مثلَّم، فضحك رستم منه؛ وقد أرسله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه قائد المسلمين؛ ليفاوض رستم قبل المعركة، فقال رستم: بماذا جئتم؟! هل جئتم تفتحون الدنيا بهذا الفرس الهزيل وهذا الرمح المثلم؟! قال ربعي: [[بعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى سعة الإسلام]] قال رستم: والله لا تخرج حتى تأخذ تراباً على رأسك من تراب بساطي.
فحمَّله التراب على رأسه وخرج من عنده، ولما خرج من هناك قال المنجمون: هذه علامة على أنه سوف يسلب ملكك وملك آبائك وأجدادك، وخرج رستم ليشاهد المسلمين وهم يصلون صلاة الظهر، فوجدهم يركعون بعد سعد رضي الله عنه ويرفعون بعده، إذا قال: (الله أكبر) كبروا، وإذا قال: (سمع الله لمن حمده) قالوا: ربنا ولك الحمد، فعضَّ أنامله الخمس، وقال: علَّم محمدٌ الكلابَ الأدب -وهو الكلب-.
كانوا يتصورون أن العرب قبل الإسلام في هيئة الكلاب، لم تكن لهم حضارة ولا معرفة ولا ثقافة ولا أدب، حتى يقول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2].