طالب العلم حليته السنة وإذا تحلى بها رزقه الله قبولاً وإخلاصاً وقُبِلَ كلامه، والأصل فيه أن يجعل صورة الرسول على محياه، ولا يستصغر بعض السنن كاللحية, والأصل في طالب العلم أن يكون ذا لحية، ولا يقال أنتم لا تتكلمون إلا في اللحى وإسبال الثياب، فإنها من السنة، وهي جزئيات من حياتك، لتكون صورة كاملة، هذه حياتنا، وهذا مجدنا وهذا ديننا، وإسلامنا.
والكافر الذي يتبع قادته وزعماءه يقلدهم ويتشرف بذلك، وزعيمك وقائدك محمد عليه الصلاة والسلام قصر الثوب، وأرشد إلى خصال الفطرة: وهي قص الشارب، وتقليم الأظافر، وحلق العانة، ونتف الإبط، والغسل، والنظافة والنقاء.
ومن السنن: عند دخول البيت: باسم الله، والسلام على أهل البيت، والخروج مع السلام، والجلوس جلسة المصطفى عليه الصلاة والسلام، والأكل باسم الله، والقيام باسم الله، والنوم على السنة، والقيام على السنة، وقراءة كتب أعمال اليوم والليلة، والأذكار للنووي فإنها تعلمك السنة لتكون مطبقاً للسنة بارك الله فيك.
أما نوافل طالب العلم، فأعظم نافلة بعد الفرائض طلبك العلم، وحفظك وبحثك وتحقيقك، فهذه نوافل تؤجر عليها، أنت تسهر على علم الحديث، وعلم الفقه، والتفسير، أو أي علم تنفع به الإسلام، وأنت أعظم من ذاك الذي يسهر في النوافل، يصلي ويركع؛ لأن نفعك متعدٍ للمسلمين، وخيرك عام للأمة، وأنت تحيي الأجيال وتريد نهضة الشعوب وردها إلى معين محمد عليه الصلاة والسلام، ذاك يصلي لنفسه، ويجمع الحسنات لنفسه، وأنت مأجور أكثر منه إذا أخلصت النية والمقصد.
لكن لا بد أن يكون لك حد أدنى من النوافل تقتصد فيه، والحد الأدنى على حديث أبي هريرة، في الصحيحين، وفي السنن والمسانيد: {أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، لا أدعهن حتى أموت، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام} ولا بد أن يكون لك جزء من القرآن في اليوم أو ما يقارب جزءاً، لا يمر يومك إلا وتقرؤه، وتحافظ على الأذكار والتسبيح في الصباح والمساء.
وصلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر إذا استطعت ولم تضر بدراستك وامتحانك، وأن توتر قبل أن تنام، أو تؤخر الوتر إذا علمت أنك تقوم إلى السحر.
ولتكن لك ابتهالات وخلوة مع الله في مناجاتك وعبادتك، ولك دعاء ورقة، حتى تكون هذه سنتك وأورادك، ليكون لك تأثير في الناس، لأن القلب إذا بقي على العلم ولم يكن له أوراد ونوافل جف القلب وقسا، وخمدت الروح فلا يكون لها إشعاع.