قد يقول أحدكم: هذه مسألة خفيفة، كيف تتحدث في اللباس وهو أمر ظاهري لا ينبغي أن يعتنى به؟
فأقول: إن أمر اللباس ليس بالسهل، فإن لطالب العلم لباساً خاصاً، لا: نقول إنه لباس خاص عن المسلمين؛ لكنه شارة في اللباس، واللباس ولو أن أمره سهل لكن له مدلولات، أولاً: اجتنب من اللباس ما يزريك من المحرم والإسبال في الثياب، ولبس الأحمر الذي فيه أنوثة وميوعة ودلال، ولبس الحرير؛ لأنه مُحرَّم، فهذه ونحوها تلحقك بالازدراء وعدم الاستقامة والالتزام، فهذا أمر لا بد أن تعرفه في اللباس، لكن تلبس اللباس الذي يتوسط فيه المسلمون، وحبذا اللباس الأبيض إلا للحاجة في صيف أو شتاء أو في غيره، فإنك تلبس ماتيسر، ويكون لباسك وسطاً مقتصداً لا يلحقك بالكبراء ولا بالمنجرين الشرهاء، بل وسطاً من الناس، وتكون معتنياً بهيئتك ولطافتك ونضرتك، وتسمى الأناقة، وبعض الناس أنيق ولو كانت ثيابه رخيصة، وبعضهم ولو كانت ثيابه كثيرة غالية لكنه مبعثر، يلبس الغالي لكنه يبعثر نفسه، فالأناقة والهندام من صفات طالب العلم.
يضاف إلى ذلك، الطيب، والسواك، والبسمة الرقيقة الشفافة التي تظهر بشجاعة وعلو همة، وثقة بالنفس، فهذه تضاف إلى اللباس الذي لا يزري بك.
ويراعى في الثوب النظافة والاقتصاد، وقد كان الإمام أحمد يلبس ثوباً بين ثوبين؛ لا غالٍ جداً ولا رخيص رخيص، وكذلك ابن تيمية قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة:143].
فهذا أمر لا بد أن يتنبه له، ولا يقال هذه أمور عادية، لا، إن هذه قوادح كبرى، إن من يأتي يخطب الناس ويتكلم في الناس فيرون ثوبه مسبلاً يخط في الأرض لا يقبلون منه، وكذلك من يلبس أحذية أتت بها الموضات الجديدة وما رخص فيها أهل العلم ولا توافق السنة، فإن في ذلك غضاضة، وإن من يلبس أحمر يلحقه بأهل التعنت والتخنث لا يقبل، وإن من يتشبه بأعداء الله الكفرة لا يقبل، فليتأكد طالب العلم من اللباس فإن أمره خطير.