سعد رضي الله عنه هو خال الرسول صلى الله عليه وسلم, وخوله يعني: قريبه من قرابة خئولته صلى الله عليه وسلم، وهو أحد المبشرين بالجنة.
قال له صلى الله عليه وسلم يوم أحد: {ارم سعد فداك أبي وأمي} يقول علي: [[والله ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدِّي أحداً إلا سعد]] وقال صلى الله عليه وسلم: {هذا خالي فليرني كل خاله}.
وسأل سعد الرسول صلى الله عليه وسلم عن أسباب إجابة الدعوة، فقال له: {أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة} ولذلك قال له صلى الله عليه وسلم: {اللهم سدد رميته، وأجب دعوته} فكان كلما دعا أصابت دعوته بإذن الله.
وثبت عنه أنه لما قطعت الجسور بالنار، قال: يا خيل الله اركبي -خيل المسلمين- وقد وقعت في الماء، ووقع كثير من الجيش، فجمَّد الله لهم النهر فمشت بإذن الله حتى خرجتْ.
يقول أبو إدريس وكان معهم: فَقَدَ رجل منا مخلاه، فرجع إليها، فوجدها معلقة في شجرة في النهر، فأخذها وخرج.
وثبت في البخاري أن عمر رضي الله عنه ولاه على الكوفة , وأهل الكوفة كانوا من أشغب الناس حتى انتقم الله لسعد، وعلي بن أبي طالب بـ الحجاج بن يوسف الثقفي، علمهم كيف يتعاملون مع المؤمنين، فهؤلاء نقموا على سعد حتى الصلاة يقولون: لا يعرف يصلي، فحاكموه إلى عمر رضي الله عنه.
قال سعد: [[عجباً لبني أسد، قاتلتهم على الإسلام بيدي هذه، وأدخلتهم بسيفي في الدين، ثم ينقمون علي الصلاة، والله إني كنت أركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين]] قال عمر رضي الله عنه: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق، ثم أرسل عمر رضي الله عنه، ليستجلي الأمر؛ لأنه رضي الله عنه كان فيه من الدهاء والذكاء الشيء العجيب، والعلوم بالله عز وجل، لكن لا بد من الفطنة.
فأرسل محمد بن مسلمة وقوماً معه من الأنصار، فلما وصلوا الكوفة مروا بالمساجد جميعاً ومعهم سعد شبه المعزر يماشيهم ويقول محمد بن مسلمة: هذا أميركم أتنقمون عليه شيئاً، فيثنون عليه، وعلى صدقه وأمانته، وزهده وعبادته، فمروا بمسجد بني عبس - ناحية من نواحي الكوفة - فقال شيخ كبير: أما إذا سألتمونا فوالله ما كان يمشي مع السرية، ولا يعدل في الرعية، ولا يقسم بالسوية، ولا يحكم في القضية، أو كمال قال، سجع كلامه.
فقال سعد: [[اللهم إن كان عبدك هذا قام رياءً وسمعة فأطل عمره، وكثر ماله وولده، وعرضه للفتن]] فكبر هذا الشيخ على كبر سنه وتعرض للفتن، وأكثر الله ماله وولده وشغله، حتى كان يتعرض للجواري -للبنات- في سكك الكوفة ويغمزهن، ويقول: شيخ مفتون، أصابتني دعوة سعد.
وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء: أن سعداً رضي الله عنه كان يخطب في الكوفة، فنزل من على المنبر بعد أن صلى بالناس وخرج، فإذا الناس مجتمعون ويسمع ضجة وصجة، فقال: ما هذا؟
قالوا: هذا رجل يسب علي بن أبي طالب، فتقدم إليه سعد، وقال: لا تسب أخي -يقصد أخاه علي رضي الله عنه- فقال الرجل: والله لأسبنه، فقال سعد: اللهم اكفناه بما شئت-يعني هذا الرجل- قال: فندّ جمل من الكوفة، وأتى إلى المسجد، فتأخر الناس عنه، فقرب من هذا الرجل فلطمه الجمل بيده - لطم الرجل، وهذا سنده صحيح- فوقع الرجل ميتاً على الأرض، فأجاب الله دعوة سعد.
قيل لـ عامر الشعبي: ما قولك في أهل صفين؟ في قوم معاوية وعلي.
قال: أهل الجنة التقوا، فاستحيا بعضهم من بعض.
استحيا بعضهم أن يقر من بعض، هؤلاء من الجنة وسلفت أعمالهم.
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة:134] {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر:47].
إنما الشاهد أنه اعتزل الفتنة رضي الله عنه، وخرج بخيمة وبغنم يرعاها في الصحراء، فقال له ابنه: أتترك الخلافة والناس يتقاتلون على الملك وترعى شويهاتك؟
قال: اغرب عني لا أم لك، والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الله يحب العبد الخفي النقي التقي}.
ولما أتته الوفاة كانت ابنته عائشة عند رأسه، فبكت، قال لها: [[ابكي، أو لا تبكي والله إني من أهل الجنة]].
قال الذهبي: صدق والله، هنيئاً له ومريئاً، فقد أخبره صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة.