أهل البدع لا يكفرون، وهذا أصل من الأصول ينبغي أن يفهم، وقد فهم، ويفهمه كثير، لكن أهل البدع إن ابتدعوا بدعة في الدين، فهم فسقة، ولا يكفرون ببدعهم إلا ما استثنى بعض أهل العلم مما سوف أذكره.
وابن تيمية رحمه الله له كلام جميل منقول في منهاج السنة، وجمعه الشيخ/ عبد الفتاح أبو غدة من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية فيما يقارب ثلاثين صفحة في حكم أهل البدع هؤلاء.
يرى ابن تيمية رحمه الله: أنهم لا يكفرون، والحديث الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: {تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار} أو: {كلها في النار إلا فرقة واحدة} هم أهل السنة والجماعة يقول: إنه لا يلزم من ذلك تخليدهم ولا تكفيرهم، وهذا الحديث يقول: ليس في الصحيحين ولا في أحدهما، بل هو حديث حسن بمجموع طرقه في السنن، ثم يقول: لأن الله عز وجل ذكر بعض العصاة، وقال: يدخلون النار, كالقاتل وكغيره ممن ارتكب بعض المحرمات، فدخوله النار لا يستوجب كفره.
هذا الأمر الذي يُفهم، فـ الأشاعرة مثلاً والمعتزلة والجهمية على وجه العموم -إلا ما خصصه بعض أهل العلم بأعيانهم، أو من فعل كذا فهو كذا- لا يكفرون.
أما الشيعة، فقسمهم ابن تيمية إلى قسمين: قسم أتى بما يوجب الكفر، فنكفره أبداً، وقسم أتى بما يوجب التفسيق، فنفسقه.
فأما من أتى بما يوجب الكفر، كمن قال: بأن القرآن ناقص، ومن قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم خان الأمانة.
ومن تكلم في عرض عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سماوات، ومن كفَّر الصحابة، فإنه يأخذ هذا الحكم.
وأما غير ذلك, كأن قدم علياً رضي الله عنه على أبي بكر وعمر، فهذا فاسق، أو اتهم بعض الصحابة، أو سب، فهذا يأخذ هذا الحكم، فلا يؤخذ من هذا الحديث تكفير أهل البدع، لأنه لم يذكر صلى الله عليه وسلم إلا هذه الأمور، فمن أداها، وقام بها، ولم يأت بموجب الكفر الذي يعارض هذه الأمور، فهو مسلم على الظاهر، والسرائر عند الله تبارك وتعالى.