قال الرسول صلى الله عليه وسلم لـ معاذ في ذات يوم: {كيف أصبحت يا معاذ! قال: أصبحت مؤمناً حقاً يا رسول الله! قال: إن لكل قول حقيقة، فما حقيقة إيمانك، قال: والله ما خطوت خطوة إلا وكأن الموت يصرعني قبلها، والله ما أصبحت وأنا أنتظر المساء، وما أمسيت وأنا أنتظر الصباح، وكأني بعرش الرحمن بارز على رءوس الناس يوم القيامة، وكأني بكل أمة جاثية، كل أمة تدعى إلى كتابها، وكأني بأهل النار في النار يعذبون، فدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم وقال: عرفت فالزم} هذا هو التوحيد والإيمان، أن تتذكر الله إن كنت أستاذاً في فصلك، وتعلم أن صبية الإسلام وأطفاله وقلوب أهل الإسلام على الكراسي بين يديك، فاتق الله فيهم، وأن تتذكر الله وأنت موظف على كرسيك، وتتذكر لقاء الله والحشر بين يدي الله، والعرض عند الميزان والصراط فتخلص في عملك، وتتذكر الله وأنت قاضٍ تحكم في الدماء والأموال والبيوت، تتقي الله وتخاف الله فيكون أخوف عندك من كل شيء، وتتذكر الله وأنت جالس في دكانك في سوقك، فلا تغش ولا تخون، ولا تخادع، ولا تماكس ولا تناجش؛ فإنما الله نصب عينيك، هكذا كانوا يعيشون أيها المسلمون.
يا أحبابنا في الله: ويا أخوتنا في الله! لما تركنا الاستضاءة بنور حياتهم؛ أصابتنا البلايا والأمراض والأخطاء في مجتمعاتنا، عدل القاضي عن الطريق المستقيم، ولم يوف الموظف حقه، ولم يخلص المدرس في فصله، ولم يؤتمن التاجر، فوقعت البلايا، يقول عمر رضي الله عنه: ولاني أبو بكر قضاء المسلمين في المدينة سنة كاملة، ووالله ما أتاني رجلان يتقاضيان، كلٌّ عرف الحق، وكلٌّ أبصر الطريق، فهذا هو معاذ بن جبل الذي يقول فيه ابن مسعود رضي الله عنه: [[إن معاذاً كان أمة قانتاً لله حنيفاً، ولم يكن من المشركين، شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم]].
فيا أخوة الإسلام: من مثل معاذ نتعلم الزهد والأدب، ونتعلم الحياة الإسلامية الحقة.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.