أيضاً: من المسائل: رفض المتقدمين، يقول عليه الصلاة والسلام: {إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير} رواه الترمذي، وهو حديثٌ صحيح.
فالفساد الكبير الذي تعيشه المجتمعات بسبب أمثال هذا الأب الذي سمعتموه في الرسالة، هو بكلماته، وطمعه، وجشعه، وحسده، وبفظاظته وغلظته، طرد الشباب عن بيته، لا يصون كريمته، تقول العرب: "لا يحفظ المرأة إلا بيتها، أو قبرها، أو زوجها".
فوالله الذي لا إله إلا هو لو دفع الأب من جيبه على أن يزوج ابنته رجلاً كريماً ديناً خلوقاً، لكان هو الحسن.
وما عندنا في الإسلام إلا شرطان: دينه، وأمانته، أو خلقه ودينه، أن يكون ديَّناً، يخاف الله عز وجل، ولا يكون مروج مخدرات، يسكر في النهار والليل، والله لقد أتت رسائل من هذا القبيل، تقول بعضهن: "ما أراه إلا سكراناً، أوقظه إلى الصلاة وهو من الغافلين، سادر".
فكيف تعيش وتتعامل مع مثل هذا الجنس؟! لكن الأب هو السبب، فتجده يرفض المتدينين، والملتزمين، بحجة أنهم متزمتون، إن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترط شرطين: الدين والخلق، وأنا لا أقول زَوِّج ديِّناً سيئ الخلق، لا، فبعض المتدينين من أسوأ الناس خلقاً، لو سلمت عليه غضب عليك، والرسول صلى الله عليه وسلم رحيم فنبه على حسن الخلق، يعني: رجل يتفاهم، وعنده عقل، أما الشرس سيئ الخلق فلا نريده ولو كان ديِّناً، فالدين هو الخلق؛ لأن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى زكى رسوله صلى الله عليه وسلم، بأنه صاحب دين ورسالة ثم قال له: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] وقال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159].
ذكر صاحب كتاب المستطرف في كل فن مستظرف "أن رجلاً كان شرس الخلق وذكره ابن قتيبة، وعنده أربع زوجات في البيت، فأغضبته زوجة من الزوجات، فطلقها بالثلاث، فقامت الثانية وقالت: لم تطلقها بعجل؟ قال: حتى أنتِ، فطلقها، قالت الثالثة: ما وددت أنك طلقت الثانية؛ لأنها صالحة، قال: وأنتِ طالق، قالت الرابعة: في ساعةٍ واحدة تطلق ثلاثاً! قال: وأنتِ معهم".
فسمعت الجارة؛ لأن كل واحدة منهن قامت تصيح في البيت فسألت: ماذا حدث؟ قال: وأنتِ طالق إذا رضي زوجك.
يوزع طلاقاً، يتبرع بالطلاق، وأنتِ طالق إذا رضي زوجك، فمثل هذا لا يستطاع له.
يقولون: "إن امرأة فرت من زوجها وأتت إلى أبيها، قال: مالكِ؟! قالت: أنا صبرت عليه، قال: ماذا حدث؟ قالت: ما بقيت في رأسي شعرة، إلا أنزلها بالعصا في الأرض".
يعني: من كثرة الضرب، وبعضهم لا يخاف الله أو يتقيه، يضرب بالكرسي وبالكوب وبالهاتف وبكل شيء، وهذا ينتشر في الناس، ونسأل الله العافية!
اعلموا أن هذه الممارسات وجدت حتى في المجتمع المثالي، الذي ما شهد التاريخ مثله.
فقد أتت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس، فقالت: يا رسول الله! أستشيرك: تقدم لي معاوية بن أبي سفيان وأبو الجهم.
وهنا سيقوم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجرح والتعديل لأنه واجب هنا وليس غيبة في مثل هذه، فإذا سألك أهل فتاة، عن فلان فعليك أن تتكلم، ولا تقول: هذه غيبة بل يجوز في هذا أن تبين، إن كنت تعرف عنه شيئاً قالت: تقدم لي فلان وفلان يا رسول الله، ماذا أفعل؟! قال صلى الله عليه وسلم -اسمع إلى المعلم، واسمع إلى الحكمة والعقل- قال: {أما معاوية فرجلٌ صعلوك؛ لا مال له} والحقيقة أن المرأة تريد شيئاً يعني نسبياً، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم استُفْتِي فأفتى: {وأما أبو الجهم فرجلٌ لا يضع عصاه عن عاتقه}.
يقول: إن كنتِ تريدين أن يقطع جسمك فتزوجي أبا الجهم أنا أعرفه {ولكن تزوجي أسامة بن زيد}.
فتزوجته فاغتبطت به، أي: ارتاحت معه، بمشورة محمد صلى الله عليه وسلم.
فلابد أن يختار الدين الخلوق، ويوجد في الفسقه من هو حسن الخلق، فبعضهم يتبسم دائماً وهو فاسق، تجده قد يتناول المخدرات ويترك الصلاة، لكن من أحسن الناس خلقاً، لكن فقد الشرط الأعظم، فلا بد من الشرطين، الدين وحسن الخلق.