أولاً: باسمكم جميعاً نخاطب هذا الأب الذي أذاق هذه الفتاة المرارة، نخاطب فيه إيمانه إن كان في قلبه إيمان، وأصل الفطرة إن كان لم يخربها في قلبه، فبالله كيف يلقى الله غداً وهو يتعامل مع بنته هذا التعامل؟!
فإن المسلم أصلاً لا يُجوِّز له الإسلام أن يتعامل مع أجنبيةٍ كافرة بهذا التعامل: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:83] ولكن تجد هذا الأب يتعامل مع ابنته، مع المضغة منه، هذا التعامل الجشع فهل سمعتم بجشعٍ أعظم من هذا؟! ما سمعنا إلا جشع اليهود!! يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة:96].
نكرها، يعني: أيَّ حياة، ولو كانت حياة ذلة وتباب وخسار، لكن أحرص الناس على حياة، ما هو الراتب؟ ما هي الدنيا؟ ما هي قصورها؟ ما هو ذهبها؟ ما هي فضتها؟ جشع في بعض الآباء، الواحد منهم في السبعين من عمره، وتجده يحاسب ابنته، على هذا الراتب طريداً شقياً، لا يشبع جوعه، ولا طمعه، ولا هلعه، لينكد عليها حياتها من أجل هذا الراتب!! ثم تصطلي نارين:
نار الزوج، ونار الأب، وبعض الأزواج لا يتزوج إلا من أجل الراتب!! ولا يساوم إلا من أجل هذا المال، جشع؛ لأنه ما حل هناك الإيمان، وإلا فالدنيا لا تساوي شيئاً، يقول الزبيري:
خذوا كل دنياكمُ واتركوا لي فؤادي حراً طليقاً غريباً
فإني أعظمكم ثروة وإن خلتموني وحيداً سليبا
ويقول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58] فهذا الأب، من رأى منكم أباً مثل هذا فل يكاشفه، وليفاتحه، وليذهب إليه، إن كان يعرف من جيرانه من هؤلاء الآباء الذين وقفوا حجر عثرة -بجهل، وسوء فهم- في وجوه بناتهم، فعليه أن يتق الله وينصحه، ويصل إليه ويراسله.