ولا زال أحد كتابهم المرموقين، وشعرائهم اللامعين، الذي اكتسب سطوعاً ولمعاناً وما كان له أن يسطع ولا أن يلمع، لأن من لم يتجه إلى الله فلا سطوع له، ومن لم يحكم لا إله إلا الله فلا لمعان له، لكن أبى إلا أن يسطع ويلمع، وليته سطع ولمع على حساب دنياه وشهرته، ولكن ما كفاه ذلك حتى أخذ الملتزمين والصالحين جسوراً إلى أهدافه وعوابر إلى مخططاته.
وهذا الكاتب طالعنا له في جريدة الشرق الأوسط يوم الجمعة الماضي في العدد (4371) وهو يتحدث عن التغيرات التي يطمح لها، وهي تغيرات كيان الدين الإسلامي والمبادئ الخالدة والمنهج الرباني الذي شرفنا الله به، ولكنه بذكاءٍِ عجيبٍ يأخذ إشارات وعموميات من الإسلام لينفث سمه وحقده وحسده وضغينته.
يقول في هذا العدد وهو يطالب بتغيير هنا في بنية ومسيرة المجتمع والتزامه (ولم يكن من الطبيعي ولا من المعقول أن تتم هذه التحولات الحضارية الخارقة دون أن تتبعها تغيرات نفسية وفكرية واجتماعية).
أنحن أغبياء لهذه الدرجة، ولا نعرف اللغة العربية، ولا نعرف مقاصد الكلام، ولا نعرف ماذا يريد أن يقول؟
فهو يريد أن يأخذ الإسلام لبنة لبنة، وأن يهدم صرح الفضيلة، وأن يعتدي في وقت نعيش فيه أزمة، وهذا الكاتب والشاعر المشهور قرأت في مجلة الدعوة قبل ثمان سنوات مقابلة له ترجمت في أمريكا وظن أنها لا تصل إلينا، لكن أوصلها الله إلينا.
سئل عن حالنا -وهو من أبناء الجزيرة -:كيف حالكم في الجزيرة؟ قال: ما رأينا النور منذ ثلاثة آلاف سنة إلى الآن.
ونقول: أما أنت فصدقت، فلم تر النور إلى الآن! ولكن نحن -والله- رأينا بل وعشنا وأبصرنا ومشينا في النور وسرينا فيه يقول تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:40] وقال تعالى: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور:35].
أما نحن -أيها الكاتب- فقد أتى محمد عليه الصلاة والسلام فأخرجنا من الظلمات إلى النور: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:257].
أين من يدعى ظلاماً يا رفيق الليل أينا إن نور الله في قلبي وهذا ما أراه
قد سرينا في ضياء الوحي حباً واهتدينا ورسول الله قاد الركب تحدوه خطاه
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:122].
وقد عرضت مقولته هذه على سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز، فقال: إن اعتقد ما يقول، فقد ارتد عن الإسلام، وعليه أن يجدد إسلامه ويدخل في الدين من جديد.
ويقول هذا الكاتب في ذلك العدد: والحوار الذي يدور حول القضايا المفتوحة يجب أن يتم في جوٍ هادئٍ بعيد عن التشنج.
واسمع الحكمة والعلم والمنطق: بعيداً عن التشنج والانفعال، بعيداً عن استعداء السلطة على الرأي الآخر، وعن الاتهامات التي تلقى جزافاً وبلا مبالاة، فما هو الحوار المقصود؟
هو أن يجعل الشريعة مستعدة إلى أن يُتفاوض عليها وأن يؤخذ منها ما يراد، ويترك منها ما يراد: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة:85] ثم يكون هو حكيماً وأستاذاً ومنظراً وعالماً، ومن أين له العلم؟!
وعجبت له كل العجب، لما رأيت مقالة له كتبت رداً ولم تنشر، وأتاني والله عشرات من الشباب مجروحةً مشاعرهم، باكيةً عيونهم متأثرةً أرواحهم لأنه يلدغهم من حيث لا يشعرون، ثم يأتي بخنجره ويجزرهم علانية أمام العالمين بحجة الحكمة والحوار والهدوء.
ولو كان خصمي ظاهراً لاتقيته ولكنه يا قوم يبري ويلسع
فهو لم يشهر ولكن برى ولسع، فهو يأتيك بمدح العقيدة ثم يدس السم، ويأتيك بالإشادة بالإسلام ثم يقصم الإسلام، ويأتيك بالاستفاضة في المناهج الربانية ثم يدوس المناهج الربانية.