كرامات الأولياء

Q لا شك أن لأولياء الله كرامات تحدث، هل يمكن أن تظهر اليوم بعض الكرامات لبعض أولياء الله من الصالحين؟

وكيف نعرف أن هذه كرامة، أرجو توضيح ذلك؟

صلى الله عليه وسلم نعم.

كرامات الأولياء أصل مقرر عند أهل السنة والجماعة، دل عليه الكتاب والسنة، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة آل عمران: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:37] هذه كرامة.

ووقع لـ أبي بكر تضعيف الطعام كما في صحيح البخاري وحصلت أيضاً للعلاء بن الحضرمي ولـ خالد بن الوليد ولـ سعد بن أبي وقاص ولـ عباد بن بشر وغيرهم كثير من أولياء الله.

فالكرامة تقع، ولكن بعض الصوفية غلا في الكرامة حتى أتى بالأمور العادية المشغبات والمشوشات فجعلها كرامة، ذكر الذهبي عن أحد الصوفية أنه ترك الطعام ثلاثة أيام فطال عليه الجوع حتى خاش عقله وطاش وفاش، فرأى صوراً في الجو فقال: رأيت ملائكة، رأيت جبريل نزل ومعه ملك آخر.

قال الذهبي: والله ما رأيت جبريل ولا رأيت ملائكة ولكن عقلك طاش وخاش وفاش.

إنسان يبقى بلا أكل ولا شرب ويقول: كرامة! عجب عجاب.

وبعض الناس يجعل الأمور العادية كرامة، سمعت من بعض المولعين بذكر الكرامات يقول: سافرنا مرة فركبنا الحافلة، فضاع أحدنا في الحافلة فنزلنا فصلينا عند إطارات الحافلة ركعتين، فأخرجه الله لنا من الحافلة!

الرجل موجود في الحافلة وما ضاع، وقال: هذه كرامة من كرامات الله عز وجل!

فما بقي إلا أن يصلي ركعتين عند الإشارة الحمراء حتى تولع الخضراء ثم يقول كرامة!

هذه أمور عادية، والكرامة خرق للسنن التي جعلها الله عز وجل موجودة، ولكن المغالاة في الكرامات حتى إنه لا يحدث شيءٌ إلا قالوا: كرامة، مجانبة الصواب.

ونفي الكرامات ليس من منهج أهل السنة كذلك لكن إثباتها للصالحين، وشيخ الإسلام يشترط في الكرامة شرطين، وقد ذكر ذلك في المجلد الحادي عشر من فتاويه:

الشرط الأول: أن يكون صاحب الكرامة ولياً من أولياء الله على الكتاب والسنة، لا يأتي زنديق فيجعل البيض أكواباً أو يجعل الأكواب بيضاً، أو يأتي بالميكرفون ويجعله وردة وبالوردة ميكرفوناً، نقول: هذا زنديق لأن عمله مخالف للكتاب والسنة، ولذلك قال الشافعي: لا تغتر بالرجل ترى عليه الكرامة ولو طار في الهواء وسار على الماء حتى تعرض قوله وفعله على الكتاب والسنة.

فالشرط الأول أن يكون على الكتاب والسنة، وإلا صار السحرة من أهل الكرامات، يأتيك أحدهم فيقول: اسم ابنتك فاطمة؟

- فتقول: نعم.

- رقم سيارتك: كيت وكيت؟

- تقول: نعم.

- أنت ساكن في حارة كيت وكيت؟

- تقول: نعم.

فتقول: هذا ولي من أولياء الله مثل الشافعي! وهو زنديق يخبره الجن.

الشرط الثاني: أن يستغل هذه الكرامة في نصرة دين الله، لا يأتي بكرامة في تضليل عباد الله وأخذ أموال الناس بالباطل، وفي ضياع أوقات الناس ويقول: كرامة.

مثل هؤلاء البهلوانيين والمشعوذين والسحرة لا.

فهذان الشرطان لابد من توفرهما.

ولذلك أردت أن أقول: أعظم كرامة لزوم الاستقامة، يقولون: العامل لنفسه يسعى للكرامة وولي الله يسعى للاستقامة، فإذا رزقك الله الاستقامة فهذه أعظم كرامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015