من مواصفات أولياء الله إخلاص العمل لوجه الله، قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر:65 - 66] تباً لمن عمل لغير الله، ونعوذ بالله من الرياء والسمعة، ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به}.
فصفة أولياء الله أنهم يريدون بعملهم وجه الله، يقولون لأحد الصالحين وهو ابن سيرين: صل بنا.
قال: لا والله، أخشى أن أتقدم لأصلي بكم فينصرف الناس يقولون: صلى بنا ابن سيرين.
فترك الصلاة خوف الشهرة!
وقالوا عن إبراهيم النخعي: كان إذا جلس عنده أربعة قام وتركهم وقال: أخاف أن يجتمع علي الناس.
إنهم أخلص منا، ولكن كما قال الأول يوم خالط مثلنا:
لعمر أبيك ما نسب المعلى إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرت وصوح نبتها رعي الهشيم
إنهم كانوا يلاحظون الله في خطراتهم وسكناتهم.
وفي الحديث: {أول من تسعر بهم النار ثلاثة: قارئ قرأ القرآن، يقول الله: أقرأتك القرآن وعلمتك العلم، فماذا فعلت به؟ قال: قمت به آناء الليل وأطراف النهار، فيقول الله له: كذبت وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل تعلمت العلم ليقال عالم وقد قيل، خذوه إلى النار؛ فيدهده على وجهه في النار} وكذلك صاحب المال والمقاتل في المعركة.
إذاً أول ميزة لعباد الله: إخلاص العمل، قال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:3] وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:5] وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15 - 16].
فأول ما ندعو أنفسنا وإياكم إلى إخلاص العمل لوجه الله.
أبو إسحاق الشيرازي عالم الشافعية في القرن الخامس يقولون: ما كان يتكلم بكلمة، ولا يلقي درساً إلا بعد أن يصلي ركعتين، ويدعو الله أن يتقبل منه.
ابن الجوزي واعظ الدنيا، كان إذا أراد أن يخطب في الناس ويعظهم مرغ وجهه في التراب وبكى وقال: يا رب استرني وتقبل مني (أو كما قال).
فلذلك ميز أهل السنة عن غيرهم إخلاصهم العمل لوجه الله، وفي الصحيح يقول الله عز وجل للمرائين يوم القيامة: {اذهبوا إلى من أشركتم معي فيه فخذوا أجوركم منهم} أو كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى في الحديث.