يتعرض شيخ الإسلام ابن تيمية لـ ابن الريوندي الملعون، أحد الزنادقة والفلاسفة الكبار، وهو محسوب على المسلمين وله بعض الكتب ويقولون عنه: فيلسوف الإسلام وهو عدو الإسلام، هذا الفيلسوف وقف على نهر دجلة ومعه كسرة خبز، فمر أحد العبيد بخيول وإبل، فقال: يا رب! ترزق هذا العبد الخيول والإبل وأنا فيلسوف الدنيا ما أجد كسرة!! هذه قسمة ضيزى، ثم رمى بالخبز في النهر.
هذا الملعون لما عرض له ابن تيمية قال: من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدى غير هدى الله الذي أرسل به محمداً عليه الصلاة والسلام؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولا كلاماً ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم.
ويقول في مختصر الفتاوى: كل أرض لا تشرق عليها شمس الرسالة فهي أرض مغضوب عليها، وكل قلب لا يرى شمس هذا الدين فهو قلب ملعون - (أو كما قال) - وهذا هو الحق {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21] وعند مسلم في الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام: {والذي نفسي بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار -وفي لفظ آخر- ولا يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار} هذه دعوته.
يا مدَّعٍ حب طه لا تخالفه فالخلف يحرم في دنيا المحبينا
أراك تأخذ شيئاً من شريعته وتترك البعض تدويناً وتهوينا
خذها جميعاً تجد فوزاً تفوز به أو فاطرحها وخذ لبس الشياطين
{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65] {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} [الفرقان:27 - 28] وهم جلساء السوء وأدعياء الضلالة وعصابات الإجرام الذين وقفوا في طريق الأنبياء والرسل فصدوا عن سبيل الله، بالدسائس وبالأغراض وبالأذى، وبكل ما يصد عن منهج الله عز وجل: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:29].
وهذه سنة الله عز وجل: أن يبقى الصراع أبدياً بين أهل الخير وأهل الشر {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:31] أي: هادياً يهدي القلوب ونصيراً ينصر أولياءه.
ويقول سبحانه عن الطامة الكبرى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً} [طه:102 - 104] وهذا مشهد من مشاهد يوم القيامة يأتي أهل الدنيا والأعمار الطويلة والساعات الفارغة التي صرفوها في الغناء الماجن وفي الغيبة والنميمة وفي شهادة الزور ومتابعة السهرة الحمراء والمجلة الخليعة والصد عن منهج الله.
يقول الله لهم: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:112 - 116] أي نزه الله نفسه عما يعتقده البعض أن الله خلق الناس عبثاً.