يقول صلى الله عليه وسلم: {أبشروا} أي: ما دمتم على ذلك فأبشروا {واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة}.
عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم: أبشروا، كلام، فإن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعيشون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، يأتون إليه فيسمعون كلامه صلى الله عليه وسلم، فينقلهم كأنهم في رحاب الجنة، وكأنهم في عرصات القيامة، ينسون الأهل والزوجات والأموال والمساكن، وإذا رجعوا إلى دورهم غفلوا بعض الغفلة، ونسوا بعض النسيان مما ذكره صلى الله عليه وسلم، فأتى حنظلة بن الربيع الكاتب: {أتى إلى أبي بكر رضي الله عنه، وقال: يا أبا بكر! نافق حنظلة! قال: غفر الله لك، وما ذاك؟ قال: نكون مع الرسول صلى الله عليه وسلم فيحدثنا في الآخرة حتى كأننا نراها رأي العين، ثم نعود فنلاعب أطفالنا وننسى كثيراً، فيقول: أبو بكر وأنا والله كذلك، اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبروه، فقال صلى الله عليه وسلم: والله لو تكونوا كما تكونون عندي في حلق الذكر أو في الذكر، لصافحتكم الملائكة في السكك، ولكن ساعة وساعة يا حنظلة} لأن هناك ساعة للترويح، وساعة قد يخلو بها الإنسان المسلم في المباحات التي ليست بحرام، وهناك ساعات الجد والعمل والعبادة، هذا هو المفهوم، ولا يستطيع الإنسان أن يمضي في هذه الحياة إلا أن يروح على نفسه، ويأخذ بعض المباحات التي لا حرام فيها.