نصيحة للتائبين

Q قبل عرض السؤال هناك كلام حول هذا السؤال؟

صاحب السؤال يبدو أنه لأول مرة يحضر المسجد، وأنا أرحب به، وحياه الله، وأدعو الله له بالتوفيق ولإخوانه وأمثاله، فإنه شرف لنا ولكم أن يزيد أحد التائبين والصالحين في دخول هذا المسجد، وأنا بدوري أضعها أمانة في أعناقكم، أن من استطاع منكم أن يُحْضِر أخاً له في أي درس، أو محاضرة، أو أي ندوة فهو مشكور مأجور، ولو تبنينا مشروعاً قاله بعض العلماء بأن يأتينا كل أخ في الدرس المقبل بأخ له، أو بصديق، وليحرص على أناس لا يحضرون الدروس، أو ليس لهم ميل إلى المحاضرات، أو ميل إلى الدعوة، أن يحضرهم حتى يهديهم الله على يديه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم}.

وأنا أتوقع أن الأخ إذا حضر ولو كان غير ملتزم، وأخذتَه - مثلاً - من الحديقة والملعب والكرة، وجئت به وأجلسته بين هذا العدد الهائل والحشد المبارك، ثم رأى الصالحين، ورأى جلوسهم، ورأى أذكارهم، وغشيته السكينة، وحفته الملائكة، وتنزلت عليه الرحمة، فإنها تكون ليلة مباركة في عمره.

يا ليلة الجزع! هلا عدت ثانيةً إن زمانَك هطالٌ من الديمِ

ولعلك أن تكون أنت المفتاح لقلبه، {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} ألا تريدون أن نجرب في الأسبوع المقبل بأن يُحْضِر كلٌّ منا واحداً، وهذا الأمر أتركه بين يديكم، وقد فعل فضيلة الشيخ المبارك أبو بكر الجزائري في جدة قبل ما يقارب سنة، في ندوة قال فيها: أريدكم غداً أن يُحْضِرَ كلُّ واحد منكم واحداً، فأتت الندوة، فإذا هي الضعف من الضعف من الندوة التي قبلها، والناس على الفطرة، وهم قريبون.

أنا أرى أن بعض الناس يجعل بينه وبين الإخوة حواجز، فالذين يجلسون الآن على الأرصفة من الشباب، ضيعوا أوقاتهم، وما وجدوا من يأخذهم إلى الدروس والمحاضرات والندوات، عندهم طيبة، وهم على الفطرة {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30].

وأنا أجزم جزماً أن ذلك الشاب الذي يلعب الكرة الآن ونحن مجتمعون هنا، أنه لو مر به أحد الكفرة وسب عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقاتله ويسكب دمه كالماء البارد من أجل محمد صلى الله عليه وسلم، فلماذا لا نأخذ هؤلاء ونحضرهم ونقربهم من جنة عرضها السماوات والأرض؟ ألا نشفق عليهم؟ لا نريد لهم الضرر، لا في أجسامهم، ولا في دنياهم، فإذا كنا نعتقد ذلك، فإن أعظم الضرر أن نتركهم هكذا، بعيدين عن التوجيه، وبعيدين عن المحاضرات، وعن (قال الله، وقال رسوله) تنتهبهم شياطين الإنس والجن، في سهرة لاهية، ودخان، وضياع، وبلوت، وأغنية ماجنة، ومجلة هابطة.

ألا إني أرشح ترشيحاً ثانياً، واقتراحاً ثانياً: أن نذهب إلى هؤلاء ونزورهم في أماكن لعبهم، وندعوهم بالتي هي أحسن، ونبصرهم، وحبذا لو أهدينا لكل واحد منهم شريطاً مؤثراً؛ علَّ الله أن يهدي قلبه؛ فإن هذا من أعظم ما يكون، وبهذه الأعمال تُصْلَح القلوب، وتُمْطَر البلاد، ويُقِيْمُ اللهُ الأمن، ويعم الرخاء.

صاحب السؤال يقول: أنا حضرت وأنا ممنون ومسرور بهذا اللقاء، وأتمنى أن أقدم شيئاً للإسلام وللدعوة، وأتمنى أن يُقَطَّع جسمي في سبيل الله، وأنا أول ليلة أحضر، ماذا اقدم لهذا الدين؟ فبماذا تنصحوني؟

صلى الله عليه وسلم أسر الله قلبك، وأضحك سنك، هذه بداية الالتزام.

فاسأل الله أن يربط على قلبك، وأن يثبتك، وأن يزيد في أمة الرسول صلى الله عليه وسلم من أمثالك من التائبين.

شكراً لك ولجسمك الذي يريد أن يمزق من أجل محمد صلى الله عليه وسلم.

شكراً لك وللحمك ولدمك ولشحمك الذي يريد أن يذهب في سبيل الله.

أسأل الله أن يجعلني وإياك والحضور من الشهداء، الذين ينور الله لهم قبورهم، ومصائرهم ودرجاتهم.

والحقيقة: أن مثل هذه الأفكار، وهذه الكلمات تنبع عن معدن أصيل، وفطرة جيدة، أرادها الله - عز وجل - لهذه الأمة.

فالحمد لله الذي جعل الناس يَفِدُون بالعشرات، وكم يمر من تائبين من هذا الجيل المبارك، وكم يفرح الإنسان وهو يلقى شاباًً يقول: أنا لأول مرة أحضر، وتبتُ من شهر أو من شهرين واهتديت، إنها الفرحة الغامرة، حتى يعلم الله أن الإنسان أحياناً يفرح أعظم من أن يبشر بمولود إذا علم أن هذا ولد من جديد في الإسلام.

يقول شيخ الإسلام: للإنسان ميلادان اثنان:

1 - ميلاد: يوم ولدته أمه، يوم سقط رأسه على الأرض.

2 - وميلاد يوم اهتدى في ركاب محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم يقول في مختصر الفتاوى: ولكل إنسان مسلم أبوان اثنان:

1 - أبوه الجثماني.

2 - وأبوه الروحاني.

فأما أبوه الجثماني: فهو أبوه الذي ولده.

وأما أبوه الروحاني: فهو محمد عليه الصلاة والسلام.

Q ما حكم الاحتفال بالمولد؟

صلى الله عليه وسلم الاحتفال بالمولد بدعة، وسبق التنبيه على ذلك، وسيأتي تفصيل لهذا الكلام إن شاء الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015