(وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ): حتى أنتم لا تعبدون ما أعبد، وهذا صحيح، فإن الكافر والفاجر والمنافق لا يعبد الذي أنت تعبد، ولا يعتقد ما تعتقد، ولو صلى معك أحياناً.
قرأتُ في نشرة، أحدهم ذهب إلى جنيف، ليحضر المؤتمر الذي عقد قبل فترة فيها، وقد كان من المقرر أن يعقد في نيويورك، ولكنه مُنِع هو من دخول نيويورك، فحول إلى جنيف، فخطب خطبة، فلما وصل إلى قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران:64] توقف، وقد قيل: (وقف حمار الشيخ بالعقبة)؛ لأنه لو أكمل الآية لانتهى ما عنده؛ لأنه هو فاشل، والله يقول: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران:64] ولكن ماذا بعدها؟ {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64].
فنزل اليهود ليصلوا صلاتهم في الطقوس، والنصارى في الكنيسة، وقال هو: أن أصلي الصلاة العربية للقومية العربية؛ لأن محمداً قومي، والقوميون العرب الفشلة الآن يفتخرون بمحمد فقط، لأنه قومي منهم؛ لذلك يمدحونه بالقصائد؛ لكن يقولون: أما رسالته ففيها نظر، وأما قوميته فنعم.
{وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:3 - 5] لكم منهجكم ولي منهجي.